للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النعت للنكرات بالجمل]

قال ابن مالك: [ونعتوا بجملة منكرا فأعطيت ما أعطيته خبراً] قال ابن عقيل: [تقع الجملة نعتاً كما تقع خبراً وحالاً، وهي مؤولة بالنكرة، ولذلك لا ينعت بها إلا النكرة نحو: مررت برجل قام أبوه، أو أبوه قائم، ولا تنعت بها المعرفة فلا تقول: مررت بزيد قام أبوه، أو أبوه قائم.

وزعم بعضهم: أنه يجوز نعت المعرف بالألف واللام الجنسية بالجملة، وجعل منه قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس:٣٧]، وقول الشاعر: ولقد أمر على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني فنسلخ صفة لليل، و (يسبني) صفة للئيم، ولا يتعين ذلك لجواز كون نسلخ ويسبني حالين].

هذا تأويل للآية فمنهم من أول أن الليل واللئيم بمعنى النكرة، وأن التقدير هو: آية لهم ليل نسلخ منه النهار، ولقد أمر على لئيم يسبني.

وحينئذ يكون هذا بمعنى النكرة؛ لأنه للجنس، والجنس عام في أفراده فهو كالنكرة المطلقة في أقوالهم، وكما علمنا مما سبق أن قوله (آية لهم الليل) ممكن أن نجعل (نسلخ) في موضع نصب على الحال، يعني: حال كوننا سالخين منه النهار، و (ولقد أمر على اللئيم يسبني) أي: حال كونه يسبني.

ويقولون: إن الدليل إذا ورد عليه احتمال بطل به الاستدلال.

فالخلاصة الآن: أننا فهمنا أن الجملة تكون نعتاً، لكن بشرط أن يكون المنعوت نكرة، كقولنا: مررت برجل يقرأ.

أما أن تقول: مررت بالرجل يقرأ، فإنها تجعل حالاً، ولهذا يقولون: إن الجمل بعد النكرات صفات، وبعد المعارف أحوال.

قال ابن عقيل: [وأشار بقوله: (فأعطيت ما أعطيته خبراً)، إلى أنه لابد للجملة الواقعة صفة من ضمير يربطها بالموصوف، وقد يحذف للدلالة عليه كقوله: وما أدري أغيرهم تناء وطول الدهر أم مال أصابوا والتقدير: أم مال أصابوه، فحذف الهاء.

وكقوله عز وجل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة:٤٨] أي: لا تجزي فيه، فحذف فيه، وفي كيفية حذفه قولان: أحدهما: أنه حذف بجملته دفعة واحدة.

والثاني: أنه حذف على التدريج، فحذف (في) أولاً فاتصل الضمير بالفعل فصار تجزيه، ثم حذف هذا الضمير المتصل فصار تجزي].

أي أن عندنا طريقين في حذفها، هل حذف الجار والمجرور رأساً -لا تجزي فيه- أو حذف الجار أولاً فاتصل الضمير بالفعل ثم حذف الضمير، والأول أسهل.

لكن هؤلاء فروا من كون الحرف يحذف، وقد سبق لنا في باب الموصول أن الحروف لا تحذف مع صلتها إلا بشروط، لكن المفاعيل تحذف بكثرة، ولكن مادام الأمر ظاهراً من السياق فنقول: حذف الجار والمجرور جميعاً دفعة واحدة.