للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يؤكد به لرفع توهم عدم إرادة الشمول]

وقال المؤلف أيضاً: [وكلاً اذكر في الشمول وكلا].

يؤكد بـ (كل) إذا أريد الشمول، ومعنى الشمول: أنه لا يؤكد إلا ما له أفراد متباينة مثل القوم، فتقول: جاء القوم كلهم.

أما إذا كان لا يتجزأ فإنه لا يؤكد بكل؛ لأن احتمال المجاز فيه غير وارد.

إذاً: الشمول لا يكون إلا فيما تعددت أجزاؤه أو أفراده، أما ما لا يمكن فيه التعدد فلا يؤكد بكل.

فلو قلت: جاء زيد كله، لا يصح؛ لأن أجزاءه لا يمكن أن ينفرد بعضها عن بعض في المجيء، فلا يمكن أن يأتي رأسه بمفرده، ولا يده بمفردها.

ولو قلت: أعتقت العبد كله.

يمكن لأن له أجزاء لكنها مشاعة، فيمكن أن تعتق أجزاء وأجزاء لا تعتق.

وإذا قلت: أكلت الخروف كله.

يصلح لأنه يمكن تجزئته.

قوله: (وكلا كلتا) يؤكد أيضاً بكلا وكلتا، لكن لا يؤكد بهما إلا المثنى، فتقول: قام الرجلان كلاهما، ورأيت المرأتين كلتيهما.

إذاًَ: كلا وكلتا للشمول لكن خاصتان بالمثنى، وكل للجمع.

قال: (جميعاً) أيضاً يؤكد بها، ويحتمل إن قوله: (جميعاً) يعود على كل وكلا وكلتا، يعني: كل هذه الثلاثة لابد أن توصل بالضمير.

ولا شك أن جميع يؤكد بها، فتقول: جاء القوم جميعهم، لكنها إذا لم تضف صارت حالاً لا توكيداً، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف:١٥٨] هذه حال؛ لأنها لم توصل بالضمير.

فإذا وصلت بضمير المؤكد صارت توكيداً، تقول: جاء القومُ جميعُهم، ورأيت القومَ جميعَهم، ومررت بالقومِ جميعِهم.

وقوله: (بالضمير موصلاً) يعود على كل الأربع الكلمات: كل وكلا وكلتا وجميع، فإن لم يوصل بالضمير لم يقع توكيداً، كما قال الله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [يس:٣٢]، وقوله تعالى: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} [هود:١١١] وقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا} [الطارق:٤]، فكل هنا ليست توكيداً؛ لأنها لم تضف إلى ضمير.

إذاً لا بد أن تضاف إلى ضمير ويسبقها ما يؤكد، فتقول: إن القوم كلهم فاهمون.

والجميع كذلك إذا أضيفت إلى ضمير المؤكد صارت تأكيداً وإلا فهي على حسب العوامل.

وإعراب البيت كما يلي: (كلاً) مفعول مقدم لاذكر.

(وكلا) معطوفة على كلاً، يعني: واذكر أيضاً كلا.

و (كلتا) معطوفة على كلاً.

و (جميعاً) معطوفة عليها لكن بإسقاط حرف العطف من أجل ضرورة الشعر.

(بالضمير) متعلق بقوله: (اذكر)، و (موصلاً) حال مما سبقه، يعني: حال كونه موصلاً بالضمير.

ويحوز أن نقول: (بالضمير) متعلق بقوله: (موصلاً)، وتقدير البيت: واذكر كُلاً وكلا وكلتا وجميعاً في الشمول موصلاً بالضمير.

والقاعدة من البيت: أنه يؤكد بكل وكلا وكلتا وجميع مضافة إلى ضمير المؤكد.