للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[العطف على الضمير المتصل المرفوع]

قال ابن مالك رحمه الله: [وإن على ضمير رفع متصل عطفت فافصل بالضمير المنفصل] (إن) شرطيه، وفعل الشرط قوله: (عطفت)، يعني: (وإن عطفت على ضمير رفع متصل)، وجواب الشرط: (فافصل بالضمير المنفصل).

وقوله: (إن على ضمير رفع) خرج به ضمير النصب وضمير الجر، فلا يثبت لهما هذا الحكم.

وقوله (متصل) دخل فيه البارز والمستتر؛ لأن كليهما متصل، وخرج به الضمير المنفصل فلا يدخل في هذا الحكم.

وقوله: (فافصل): فعل أمر، والأمر للوجوب.

وقوله: (بالضمير المنفصل) أي الضمائر المنفصلة، ويكون الضمير المنفصل الذي يفصل به ضمير رفع، مثال ذلك أن تقول: زيدٌ قام وعمرو؛ تريد أن تعطف عمراً على الضمير المستتر في قام فيجب أن تقول: زيد قام هو وعمرو.

وفي قولك: قمت وعمرو، يجب أن تقول: قمت أنا وعمرو؛ لأن التاء في (قمت) ضمير رفع متصل، فإن لم أقل: (أنا) فإنني أقول: قمت وعمراً بالنصب، لتكون واو المعية، وقد أشار إلى هذا ابن مالك في باب المفعول معه حيث قال: (والنصب مختارٌ لدى ضعف النسق).

إذاً: نقول: إذا عطفت على ضمير رفع متصل فأت بالضمير المنفصل، فإن لم تأت به فاعدل عن العطف إلى النصب لتكون الواو واو المعية، ويكون ما بعدها مفعولاً معه.

وقوله: (ضمير رفع متصل) فلو كان ضميراً منفصلاً؛ فإنه لا يجب الفصل بضمير منفصل، والسبب أنه لو عطفنا بالضمير المنفصل لما أتينا به ثانياً؛ إذ إن الضمير المنفصل معنا من قبل، فتقول: ما قام إلا أنا وعمرو.

فـ (أنا): فاعل قام، (وعمرو): الواو حرف عطف، وعمرو معطوفة على الضمير أنا، والمعطوف على المرفوع مرفوع.

وإعراب قولنا: قمت أنا وزيد: (قمت): فعل وفاعل.

(أنا): توكيد للتاء في قمت مبني على السكون في محل رفع، وهذا توكيد لفظي.

(وزيد): الواو حرف عطف، وزيد: معطوف.

وإذا قلت: زيدٌ قام هو وعمرو، فـ (هو): توكيد أيضاً للضمير المتصل وليس هو الفاعل، ونقول: (زيدٌ): مبتدأ.

و (قام): فعل ماض، وفاعله مستتر جوازاً تقديره هو.

و (هو): توكيد للضمير المستتر.

و (عمرو): معطوفة على الضمير المستتر في قام.

وقوله: (عطفت فافصل بالضمير المنفصل) المراد بالضمير المنفصل ضمير الرفع، فـ (أل) هنا تكون للعهد، أي: بالضمير الذي هو للرفع.

قال ابن مالك: [أو فاصل ما وبلا فصل يرد في النظم فاشياً وضعفه اعتقد] المعنى: أو افصل بأي فاصل حتى وإن لم يكن ضمير الرفع المنفصل، فتقول مثلاً: قمت مسرعاً وزيد، ففصلنا بفاصل أجنبي وهو الحال.

وقولنا: جلست في المسجد وعمرو، مثلها؛ لأننا فصلنا بالجار والمجرور، وابن مالك يقول: فافصل بالضمير أو بأي فاصل.

قوله: (وبلا فصل يرد في النظم): يعني: وقد يرد العطف على ضمير الرفع المتصل بدون فصل لا بضمير ولا بغير ضمير، لكن ذلك في النظم فاش، أي: كثير.

لكن (وضعفه اعتقد) يعني: وإن كان وارداً فاعتقد أنه ضعيف العطف، والأقوى والراجح النصب على المعية، قال الشاعر: قلت إذ أقبلت وزهر تهادى كنعاج الفلا تعسفن رملا والشاهد في قوله: (إذ أقبلت وزهرٌ) فزهر معطوفة على الضمير المستتر في أقبلت وبدون فاصل، وكان الأولى للناظم أن يقول: إذ أقبلت هي.

وقول الله تعالى: {قُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة:٣٥]، من هذا الباب، فإعراب (اسكن) فعل أمر وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت، و (أنت) توكيد للضمير المستتر، و (الواو): حرف عطف و (زوج) معطوفة على الضمير المستتر في (اسكن).

وقوله: (وضعفه اعتقد): ضعف: مفعول به مقدم، والضمير مضاف إليه، و (اعتقد) فعل أمر مبني على السكون، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت.