للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أنواع البدل]

يقول المؤلف: [مطابقاً أو بعضاً او ما يشتمل عليه يلفى أو كمعطوف ببل كزره خالداً وقبله اليدا واعرفه حقه وخذ نبلاً مدى] فقوله: (مطابقاً) مفعول ثانٍ ليلفى، و (يلفى) بمعنى: يوجد، ومنه قوله تعالى: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف:٢٥] أي: وجدا، (أو بعضاً): معطوف على (مطابقاً)، (أو ما) اسم موصول معطوف على مطابقاً.

(يلفى) فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل هو المفعول الأول، و (مطابقاً) هو المفعول الثاني، يعني: أنه يلفى مطابقاً أو بعضاً أو ما يشتمل عليه.

(أو كمعطوف بـ (بل)) يعني: ويلفى أحياناً كمعطوف بـ (بل) وقد سبق أن (بل) تفيد أن الحكم ثابت لما بعدها وساكتة عما قبلها، لكن مع ذلك يقول: (وذا للاضراب اعز إن قصداً صحب) (وذا) المشار إليه آخر قسم، وهو المعطوف ببل، فينقسم إلى قسمين: تارة يكون للإضراب، وتارة يكون غلطاً ونسياناً، فتبين لنا الآن أن أقسام البدل خمسة أنواع: أولاً: البدل المطابق، ويسمى بدل الكل من الكل.

ثانياً: بدل بعض من كل، كيده ورجله وعينه ورأسه وما أشبه ذلك، ويمكن أن نحمل كلام المؤلف على أن يكون البدل بعضاً من المبدل منه، أو بالعكس، وهو ما يسمى ببدل الكل من البعض، لكنه خلاف ظاهر كلامه.

الثالث: بدل الاشتمال: بأن يكون بين البدل والمبدل منه علاقة غير البعضية؛ كالعلم، والمال، والفهم وما أشبهها.

والرابع: بدل الإضراب.

والخامس: بدل الغلط.

فالبدل على تقسيم ابن مالك خمسة أنواع، وعلى تقسيم ابن آجروم أربعة أنواع، والمعنى متقارب.

قال ابن مالك: [وذا للاضراب اعز إن قصداً صَحبْ ودونَ قصدٍ غلط به سلب] (ذا) الأخير اعزه للإضراب بأن قصدت أن الأول مشارك للثاني في الحكم، فهذا سمه إضراباً.

وبهذا عرفنا أنه يخالف المعطوف بـ (بل)؛ لأن (بل) تثبت الحكم لما بعدها وتسكت عما قبلها.

وقوله: (ودون قصد)، يعني: إذا لم تقصد الأول لكن جرى على لسانك بدون قصد فسمه بدل غلط.

فالخلاصة أن الأقسام خمسة: مطابقة، وبدل بعض، وبدل اشتمال، وبدل إضراب، وبدل غلط، والفرق بين بدل الإضراب، وبدل الغلط: أن بدل الإضراب قصد الأول الذي هو المبدل منه، ثم عدل إلى الثاني.

وأما بدل الغلط فإنه لم يقصد الأول إطلاقاً.

إذاً: في الحقيقة أن الحكم للأخير فيهما جميعاً، لكن هل قصد الأول ثم عدل أو ما قصده ولكن سبق لسانه أو غلط.

والأمثلة: زره خالداً، فـ (خالداً) تكون بدلاً من الضمير، كأنه قال: زر خالداً.

ولو قلت: زر زيداً عبد الله، فعبد الله بدل من زيد، وهو بدل اسم ظاهر من اسم ظاهر.

وإذا قلت: اركب الجمل البعير، فهذا بدل مطابقة لأن الجمل هو البعير.

قوله: (وقبله اليدا) الضمير في (قبله) يعود على الإنسان كله، فقلت: (اليدا)، واليد بعض من الإنسان، فتكون اليد هنا بدل بعض من كل، ومثله: قبله الرأس، وقبله الجبهة.

وبعض النحويين أثبت بدل الكل من البعض، واستشهد له بقول الشاعر: رحم الله أعظماً دفنوها بسجستان طلحة الطلحات فقال: أعظُُماً، والعظام بعض الإنسان، ثم أبدل منها (طلحة الطلحات).

وقوله: (اوعرفه حقه) نجعل الضمير اسماً فنقول: اعرف زيداً حقه، وهذا بدل اشتمال.