للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضيلة المشي إلى المساجد]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد: روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح).

وروى أبو داود والترمذي عن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله ليضيء للذين يتخللون إلى المساجد في الظلم بنور ساطع يوم القيامة).

رواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن.

وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين) رواه أبو داود.

هذه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يذكرها الحافظ المنذري في كتابه الترغيب والترهيب في باب: الترغيب في المشي إلى المساجد لا سيما في الظُّلم.

والمسلم إذا مشى إلى بيوت الله فإن الله يأجره على ذلك، فلا يخطو خطوة إلا ويرفع الله عز وجل له بها درجة ويحط عنه بها سيئة، بعد عن المسجد أو قرب منه، وكلما ابتعدت كلما كان الأجر أعظم، وكلما كان بيتك بعيداً عن المسجد كلما كان أفضل.

وليس معنى الحديث أن الإنسان يتتبع المساجد البعيدة لهذا الفضل؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تتبع المساجد، ولكن يصلي الإنسان في مسجد حيه، حتى يأتلف مع أهل حيه، ويتعرف عليهم، ويكون معهم في صلاتهم، ويعود مريضهم، ويحضر جنازتهم، ويعرف أهل حاجتهم وهكذا.

لكن الذي يكون بيته بعيداً عن المسجد لا يخطو خطوة إلا كان له بها أجر ولا يخطو أخرى إلا حط الله عز وجل عنه بها وزراً.

هنا يقول عليه الصلاة والسلام: (من غدا إلى المسجد أو راح) والغدو: البكور في أول النهار.

والرواح في آخر النهار، وكأن الغرض أنه في أي صلاة من الصلوات من الفجر إلى العشاء كلما ذهبت إلى المسجد ورجعت إلى بيتك أعد الله عز وجل لك في الجنة نزلاً كلما غدوت أو رحت، فكلما ذهبت إلى المسجد في أول النهار أو في آخر النهار فإن الله سبحانه وتعالى يكافئك بنزل في الجنة، وأصل النزل: طعام الضيف، فالله عز وجل يعد لك ضيافتك في الجنة كلما ذهبت إلى بيت الله عز وجل.

فأنت وأنت ذاهب إلى بيت الله عز وجل تعد زائراً لله سبحانه وتعالى، وقد ورد عن سلمان عند الطبراني في الكبير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من توضأ في بيته فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد فهو زائر الله، وحق على المزور أن يكرم الزائر) أنت إذا زرت إنساناً فإنه يقدم لك الضيافة، والله عز وجل من فضله جعل لك حقاً عليه وهو أن يقدم لك ضيافتك عنده في الجنة سبحانه وتعالى.