للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى الزنديق عند الفقهاء وغيرهم]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والمقصود هنا أن الزنديق في عرف هؤلاء الفقهاء هو المنافق الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يظهر الإسلام ويبطن غيره، سواء أبطن ديناً من الأديان كدين اليهود والنصارى أو غيرهم، أو كان معطلاً جاحداً للصانع والمعاد والأعمال الصالحة.

ومن الناس من يقول: الزنديق هو الجاحد المعطل، وهذا يسمي الزنديق في اصطلاح كثير من أهل الكلام والعامة، ونقلة مقالات الناس.

ولكن الزنديق الذي تكلم الفقهاء في حكمه هو الأول؛ لأن مقصودهم هو التمييز بين الكافر وغير الكافر، والمرتد وغير المرتد، ومن أظهر ذلك أو أسره.

وهذا الحكم يشترك فيه جميع أنواع الكفار والمرتدين، وإن تفاوتت درجاتهم في الكفر والردة، فإن الله تعالى أخبر بزيادة الكفر كما أخبر بزيادة الإيمان بقوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة:٣٧]، وتارك الصلاة وغيرها من الأركان، أو مرتكبي الكبائر، كما أخبر بزيادة عذاب بعض الكفار على بعض في الآخرة بقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ} [النحل:٨٨]].

والزنديق عند هؤلاء الذين ذكرهم المؤلف يطلق على الجاحد المعطل، يعني: الذي يجحد الرب ويعطل الرب من أفعاله وربوبيته وأسمائه وصفاته، فهذا يسمى زنديقاً، ويسمى المنافق زنديقاً أيضاً، فالزنديق يطلق على أمرين: الأول الجاحد المعطل، والثاني المنافق.

ولكن الزنديق الذي تكلم الفقهاء في حكمه هو الأول كما قال المؤلف، وهو المنافق؛ لأن مقصودهم هو التمييز بين الكافر وغير الكافر، والمرتد وغير المرتد، ومن أظهر ذلك أو أسره، وهذا الحكم يشترك فيه جميع أنواع الكفار والمرتدين، وإن تفاوتت درجاتهم في الكفر والردة، فإن الله أخبر بزيادة الكفر كما أخبر بزيادة الإيمان.

فالإيمان يزيد وينقص، كما قال: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} [الفتح:٤]، وقال: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:١٢٤].

والكفر يزيد قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة:٣٧]، {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة:١٢٥]، فالكفر يزيد وينقص، والإيمان يزيد وينقص.

وكذلك تارك الصلاة وغيرها من الأركان، أو مرتكب الكبائر، كما أخبر بزيادة عذاب بعض الكفار على بعض في الآخرة بقوله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ} [النحل:٨٨]، فالكفرة يتفاوتون، بعضهم يزيد على بعض، فالكافر الذي يصد عن سبيل الله، ويؤذي المؤمنين، أشد عذاباً من الكافر الذي لا يصد عن سبيل الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>