للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بيان أصل الخوارج]

وأول من تكلم في هذا وهو أصل الخوارج -كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الرجل الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اتق الله واعدل، ولما سأل خالد رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قتله قال: (إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم تحقرون صلاتكم عند صلاتهم، وصيامكم عند صيامهم)، أي: من كثرة عبادتهم.

فإذاً أول خلاف حصل في مسائل أصول الدين في الفاسق الملي، وقد حصل الخلاف بعد قتل أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، وعندما بويع لأمير المؤمنين علي رضي عنه بايعه أكثر أهل الحل والعقد، وامتنع معاوية وأهل الشام من مبايعته، لا لأنه ليس أهلاً للخلافة بل لأنهم مطالبون بدم عثمان، وعلي رضي الله عنه لم يمانع من أخذ قتلة عثمان، ولكنه رضي الله عنه يطلب من معاوية وأهل الشام أن يبايعوه، وإذا هدأت الأمور وثبت على جماعة أنهم قتلوا أمير المؤمنين يقتص منهم.

ولكن أهل الشام امتنعوا اجتهاداً منهم فحصل الخلاف، وكل من الصحابة مجتهد، كما جاء في الحديث: (من اجتهد فأصاب فله أجران) كـ علي وأهل العراق، (ومن اجتهد وأخطأ فله أجر) كـ معاوية وأهل الشام.

فالمؤلف رحمه يبين أن هذا أول خلاف وقع في الإسلام في أصول الدين، وهو خلاف الخوارج، وكان بعد قتل أمير المؤمنين عثمان، وأصله اعتراض ذي الخويصرة التميمي الذي اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: يا محمد! اتق الله واعدل، وفي اللفظ الآخر أنه قال: إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله.

وبعد وقعة النهروان خرجت الخوارج، ومرقت مارقة على حين فرقة من المسلمين فقتلهم علي رضي الله عنه وجيشه، قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (تقتلهم أدنى الطائفتين)، أي: أقرب الطائفتين إلى الحق.

فالمؤلف يبين هذا، ويبين أن الخوارج صحت فيهم الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال الإمام أحمد: صح حديث الخوارج من عشرة أوجه، بخلاف الأحاديث في القدرية وذمهم فإن رفعها ضعيف، والصحيح أنها موقوفة على الصحابة بخلاف الأحاديث في الخوارج فإنها أحاديث صحيحة ثابتة في الصحيحين وغيرهما.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال الإمام أحمد: صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه، وهذه العشرة أخرجها مسلم في صحيحه موافقة لـ أحمد، وروى البخاري منها عدة أوجه، وروى أحاديثهم أهل السنن والمسانيد من وجوه أخر].

الأحاديث صحت في الخوارج من عشرة أوجه، وخروج الخوارج كان في الوقت الذي حصل فيه الخلاف بين أهل الشام وأهل العراق يوم الجمل، ثم يوم صفين خرجت الخوارج على الطائفتين جميعاً: على طائفة علي وأهل العراق، وطائفة معاوية وأهل الشام.

<<  <  ج: ص:  >  >>