للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تخذيل المنافقين عن الجهاد]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وسورة الفتح والقتال والحديد والمجادلة والحشر والمنافقين، بل عامة السور المدنية يذكر فيها المنافقين، قال تعالى في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} [آل عمران:١٥٦] إلى قوله: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا} [آل عمران:١٦٧] الآيات].

ذكر الله المنافقين في كثير من السور، بل في عامة السور المدنية، منها: سورة الفتح، قال تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} [الفتح:٦].

ومنها: سورة القتال وتسمى سورة محمد، فقد ذكر الله فيها كثيراً من صفات المنافقين، قال عز وجل: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد:٩].

ومنها: سورة الحديد، قال عز وجل: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد:١٣].

ومنها: سورة المجادلة، قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [المجادلة:١٤].

ومنها: سورة الحشر، قال تعالى: {أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [الحشر:١١].

وسورة (المنافقون) فهي سورة كاملة باسمهم، قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون:١] إلى آخر السورة.

يقول المؤلف: (بل عامة السور المدنية يذكر فيها المنافقين) بخلاف السور المكية التي نزلت قبل الهجرة ليس للمنافقين فيها ذكر؛ لأن النفاق إنما ظهر بعد الهجرة.

قال الله تعالى في سورة آل عمران: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} [آل عمران:١٥٦].

نهى الله تعالى المؤمنين أن يتشبهوا بالكفار الذين يقولون لإخوانهم المنافقين: لو كانوا عندنا ولم يحضروا المعركة لما ماتوا ولما قتلوا، فرد الله عليهم بقوله في الآية الأخرى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران:١٥٤].

ثم قال تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ} [آل عمران:١٦٧] أي: ليعلم الذين نافقوا أن القتال يظهر فيه المؤمن الصادق من المنافق الكاذب.

ثم قال تعالى: {قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لاتَّبَعْنَاكُمْ} [آل عمران:١٦٧] أي: إذا قيل لهم: قاتلوا قالوا: لو كنا نعلم أن هناك قتالاً لاتبعناكم، فرد الله عليهم بقوله: {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران:١٦٧] فمن أوصاف النفاق أن القلوب تختلف عن الألسنة، فهم يقولون بأفواههم هذا القول لكن قلوبهم مكذبة لأقوالهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>