للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النهي عن السفر بالمصحف الذي فيه القرآن إلى أرض العدو]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروى عبد الله بن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) مخافة أن يناله العدو].

هذا الحديث عن عبد الله بن عمر رواه الشيخان؛ البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب الجهاد، ومسلم في كتاب الإمارة، وأخرجه -أيضاً- أبو داود وابن ماجة والإمام مالك وأحمد في المسند واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة وغيرهم.

وقوله: (مخافة أن يناله العدو) هذه العبارة من قول الإمام مالك وهي زيادة مدرجة، وأصل الحديث هو: (نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو).

والشاهد من الحديث أن النبي نهى أن يسافر بالقرآن، يعني: بالمصحف، فدل على أن القرآن في المصحف.

وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: المصحف ليس فيه القرآن، وإنما هو عبارة عن القرآن، ولذلك -والعياذ بالله- فإن بعضهم قد يهين المصحف ويدوسه بقدمه ويقول: ليس فيه كلام الله، فنعوذ بالله.

وقوله: (نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) المراد بأرض العدو بلاد الكفار، أي: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى بلاد الكفار، وقد بين علة ذلك الإمام مالك فقال: (مخافة أن يناله العدو).

أي: خوفاً من أن يمتهنه، فنهي المسافر أن يأخذ المصحف إذا سافر إلى بلاد الكفار حتى لا تمسه أيديهم فيهينوه.

لكن الآن في الوقت الحاضر نجد المصاحف موجودة في بلاد الكفار، بل يستفتحون في إذاعاتهم بالقرآن، فاختلفت الحالة الآن وصار القرآن لا يخشى عليه، فنهي النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث مقيد بعلة، وهي خشية أن تناله أيدي العدو فيهينوه، والآن وقع في أيديهم، وليس هذا باختيارنا؛ فقد أخذوه من أزمنة طويلة، والذي يظهر -والله أعلم- أنه الآن لا يخشى عليه.

والشاهد قوله: (يسافر بالقرآن) فدل على أن المصحف فيه كلام الله، وفيه الرد على الأشاعرة الذين يقولون: ليس في المصحف كلام الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>