للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقسام الناس في الإيمان والرضا بالقضاء والقدر]

السؤال

ما الفرق بين القضاء والقدر؟ وهل يلزم الإيمان والرضا بالقضاء والقدر؟

الجواب

القضاء والقدر إذا اجتمعا صار لكل واحد منهما معنى، وإذا أطلق أحدهم دخل فيه الآخر، فالقضاء له معان متعددة فقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ} [فصلت:١٢] بمعنى: خلقهن، وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:٢٣] بمعنى: الأمر، فيأتي بمعان متعددة، والقدر كذلك له معان متعددة.

والإيمان بالقضاء والقدر واجب، والصبر على القدر واجب، أما الرضا بما قدره الله فهذا فيه تفصيل، فالصبر على المصائب وعلى ما قدره الله واجب، ولا يجوز للإنسان أن يتسخط أو يجزع، بل يجب عليه أن يصبر وأن يحبس نفسه عن الشكوى، ولسانه عن التشكي، وجوارحه عما يغضب الله، أما كونه يرضى فهذا مستحب عند المحققين من أهل العلم، وهناك مرتبة أعلى من هذه وهي أن يصبر على المصيبة ويرضى، وهناك من يشكر الله، فالناس أقسام تجاه المصائب وما يقدره الله، القسم الأول: من يجزع ولا يصبر، فتجده مثلاً يشكو ويتكلم لماذا قدر علي هذا؟ ولماذا حصل بي كذا؟ وتجده يلطم خده، وينتف شعره، ويشق ثوبه، وهؤلاء حرموا الأجر وعليهم الوزر.

القسم الثاني: الذين يصبرون ولا يجزعون، ولا يتسخطون، ولا يتشكون، وليس في نفوسهم هلع، ولا يعملون بجوارحهم ما يغضب الله، وهؤلاء أتوا بالواجب.

القسم الثالث: يصبرون ويرضون بقضاء الله وقدره، فعندهم رضاً وطمأنينة؛ لأنهم يعلمون أن الخيرة فيما اختاره الله، ويعلم أن الله أعد للصابرين الثواب العظيم والأجر الكبير، أن الله يكفر سيئاتهم ويرفع درجاتهم بهذه المصيبة.

القسم الرابع: وهو من يجعل المصيبة نعمة يشكر الله عليها؛ لأنه يوافق ربه فيما أراده وقضاه، وفيما أحبه في محابه ومراضيه؛ ولأنه كفر بها السيئات، ورفع بها الدرجات، فاعتبرها من النعم، فالمحن في حق هؤلاء تكون منحاً ونعماً يشكرون الله عليها، وهذا لا يقدر عليه إلا عباد الله الخلص، وخواص المؤمنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>