للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة حديث (إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها) على إثبات العلو

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وروى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده! ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى)].

هذا دليل من السنة على إثبات صفة العلو، فالمؤلف رحمه الله بدأ بصفة الاستواء وذكر بعدها صفة العلو مستقلة ولها أدلة خاصة؛ لأن الاستواء علو خاص، فلهذا ذكر سبعة أدلة من القرآن على إثبات صفة الاستواء، ثم بعد ذلك ذكر الأدلة التي تثبت العلو، وبدأ بحديث أبي هريرة، وهو دليل على ثبوت صفة العلو لله عز وجل، والحديث صحيح رواه الشيخان البخاري ومسلم وغيرهما.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده!) هذا قسم، والنبي صلى الله عليه وسلم هو الصادق المصدق، لكن أقسم لتأكيد الكلام، قال: (والذي نفسي بيده!)، ونفوس العباد كلها بيد الله، وفيه إثبات صفة اليد لله عز وجل.

(ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى)، والذي في السماء هم الملائكة، ولفظ السماء إذا أطلق فالمراد به جهة العلو، والله تعالى له أعلى العلو، وهو فوق العرش، فقوله: (الذي في السماء) يعني: الذي في العلو، فكل ما علا رأسك فهو سماء، والله تعالى له أعلى العلو وهو ما فوق العرش، وإذا أريد بالسماء: الطباق المبنية فهي تفيد معنى علا، وقوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك:١٦] يعني: من في العلو.

وقوله: (كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى) هذا يدل على أن امتناع المرأة من فراش زوجها من غير سبب من كبائر الذنوب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت أن الله يسخط عليها، ففيه إثبات صفة السخط لله عز وجل مع إثبات صفة العلو، وهذا فيه التحذير من امتناع المرأة من فراش زوجها بدون سبب، وأنها إذا فعلت ذلك فقد ارتكبت كبيرة، وفي الحديث الآخر: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته لعنتها الملائكة حتى تصبح).

<<  <  ج: ص:  >  >>