للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة على إثبات صفة الوجه من الكتاب]

استدل المؤلف على ذلك بالأدلة من الكتاب العزيز ومن السنة المطهرة، قال الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨]، ففيها إثبات صفة الوجه.

وقال عز وجل: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن:٢٧]، وأهل البدع ينكرون صفة الوجه لله عز وجل من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة أيضاً، وصفة الوجه من الصفات الذاتية الثابتة لله عز وجل، والأشاعرة يتأولونها، فمنهم من يؤولها بالذات كما في تفسير الجلالين، ففيه: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن:٢٧] أي: ذاته، وقصده من ذلك تأويل صفة الوجه، والآية فيها إثبات الوجه والذات، وكذلك بعض الأشاعرة كـ الآمدي وغيره أولوا الوجه بالذات، وبعض الأشاعرة المحدثين -كـ البيهقي وغيره- فوضوا هذه الصفة، وكذلك ابن فورك والتفويض معناه: تفويض المعنى، فيقولون: لا نعلم معنى هذه الصفة فنفوضها إلى الله، وهذا باطل، قال بعض أهل العلم: إن التفويض شر من التعطيل، والمفوضة شر من المعطلة، فهم الذين لا يثبتون معاني الصفات فيقولون: لا ندري ما معنى الاستواء، وما معنى اليدين، وما معنى الوجه، فيتعاملون معها كأنها حروف أعجمية لم نفهم معناها! وهذا غلط؛ فإن الله سبحانه وتعالى أمر بتدبر القرآن كله، وليس آية دون أخرى، فقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:٢٤]، وقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء:٨٢]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر:١٧].

وأهل الحق أثبتوا الصفات وأثبتوا معانيها وفوضوا الكيفية، فالكيفية لا يعلمها إلا الله كما قال الإمام مالك رحمه الله عندما سئل عن الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب.

فنحن نعرف معنى العلم وأنه ضد الجهل، ونعرف معنى السمع وأنه ضد الصمم، ونعرف معنى البصر وأنه ضد العمى، فنثبت المعاني، وابن فورك يقول: ما نعرف معنى البصر، ولا ندري معنى السمع، ولا ندري معنى العلم، فيفوض معاني الصفات، وهذا باطل، فالمعاني معلومة، وإنما الذي لا يعلم هو الكيف، فكيفية صفة السمع، وكيفية صفة الاستواء، وكيفية صفة الوجه لا يعلمها إلا الله، أما المعنى فهو معلوم، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (من الصفات التي نطق بها القرآن وصحت بها الأخبار: الوجه) واستدل بآيتين من كتاب الله، الآية الأولى: قول الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص:٨٨] وفيه إثبات صفة الوجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>