للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحكام قصر الصلاة في السفر]

السؤال

نحن مجموعة سافرنا إلى ألمانيا، لكل منا قصد من السفر: إما لعمل، أو مرافقة مريض أو غير ذلك من الأسباب، المهم في الأمر أننا نقيم في ألمانيا ولا نعلم متى نعود، وكنا طيلة المدة الماضية نقصر الصلاة فهل يجوز هذا؟

الجواب

هذه المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، وهي: المسافر إذا أقام في مكان هل يقصر الصلاة أو لا يقصر وهل يترخص برخص السفر أو لا؟ أما إذا أقام في مكان وهو لا يعلم مدة إقامته، وما يدري متى ستنتهي، كأن يكون له معاملة، فإن انتهت اليوم مشى، أو بعد يومين أو ثلاثة لا يدري متى تقضى حاجته، فمتى ما انتهت حاجته رجع إلى بلده الأصلي فهذا لا يزال مسافراً، ويترخص برخص السفر، لكن إذا كان في البلد فينبغي له أن يصلي مع الناس ولا يصلي وحده، وإذا كان وحده لا ينبغي له أن يقصر الصلاة ولا يصلي مع الجماعة، بل يجب أن يجيب المؤذن، وإذا كانوا اثنين فأكثر فهم بالخيار؛ إن شاءوا صلوا مع الناس وأتموا الصلاة وهذا هو الأفضل، وإن صلوا وحدهم قصروا.

أما إذا أقام في مكان وهو يعلم أن مدة إقامته أكثر من أربعة أيام، فالصواب الذي عليه جمهور العلماء: أنه إذا نوى أن يقيم في مكان أكثر من أربعة أيام -يعني: يزيد على إحدى وعشرين صلاة- فإن أحكام السفر تنقطع من أول فريضة، أي: صلاتك من أول فريضة تتمها، وهذا هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء، واحتجوا بحديث أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة في حجة الوداع أقام أربعة أيام يقصر الصلاة، ثم انتقل إلى منى) قالوا: فما زاد على أربعة أيام فإنه يتم؛ لأننا تحققنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نوى هذه الإقامة أي: أربعة أيام، وقالوا: إن الصلاة فريضة عظيمة وينبغي أن يكون هناك حد لها، ولو قلنا: ليس هناك حد، معنى ذلك: أن يكون المسافر يقصر سنين طويلة، وقد ينتقل إلى بلد ويقول: أنا سأجلس عشر سنين ثم أرجع إلى بلدي، فمعنى هذا: أنه يقصر الصلاة عشر سنين؛ لذا لزم أن يكون هناك حد، والحد هو أربعة أيام لكن استثنيت أربعة أيام بفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع؛ لأنه عزم على الإقامة في البقية، أما في غزوة الفتح فإنه أقام تسعة عشر يوماً، لكنه لم ينو الإقامة، وإنما أقام لتثبيت التوحيد، وتثبيت الدين، وإزالة معالم الشرك، وكذلك في تبوك ما نوى إقامة مستقرة، بخلاف إقامته أربعة أيام في حجة الوداع فإنه نوى الإقامة، والصواب الذي عليه جمهور العلماء: أنه إذا نوى أن يقيم أكثر من أربعة أيام فلا يترخص من أول فريضة بعد انقضاء أربعة أيام، بل يتم الصلاة، أما إذا كانت الإقامة يوماً أو يومين أو ثلاثة أو أربعة فإنه يترخص برخص السفر، وإذا كانوا اثنين أو ثلاثة فالأمر كما أحبوا إن صلوا وحدهم قصروا، وإن صلوا مع الناس أتموا، أما إذا كان واحداً فلا يصلي وحده، بل عليه أن يصلي مع الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>