للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأوصاف التي اختص الله بها آدم]

قوله: (فقال موسى لآدم: أنت أبونا خلقك الله بيده) فموسى هنا يذكر فضائل أبيه آدم وخصائصه.

(يا آدم أنت أبونا خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته) هذه ثلاثة أوصاف اختصها الله بآدم: فخلقه بيده، وخلق الخلق كلهم بقدرته كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس:٨٢]، لكن آدم له ميزة وله خصوصية وهي: أن الله خلقه بيده، فهذه ميزة وخصوصية وتشريف أي: فيها تشريف وتكريم لآدم من بين المخلوقات.

وكذلك نفخ فيه من روحه، يعني: من الروح التي خلقها، والإضافة هنا إضافة مخلوق إلى خالقه، وهي إضافة تشريف وتكريم.

قوله: (نفخ فيك من روحه) أي: من الروح التي خلقها، وأضافها إليه للتشريف، كما يقال عن عيسى: روح الله، أي: روح من الأرواح التي خلقها الله، وكما تضاف الكعبة إلى الله فيقال: بيت الله، ويقال عن ناقة صالح: ناقة الله، وهي مخلوقة، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه للتشريف والتكريم.

كذلك قوله: (ونفخ فيك من روحه) أي: من الروح التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وأضافها إلى نفسه للتشريف.

وقوله: (وأسجد لك ملائكته)، هذه كلها خصائص لآدم.

ومعنى الحديث: أنه لما التقى آدم وموسى قال موسى: يا آدم! أنت ميزك الله بهذه الميزات، وخصك بهذه الفضائل العظيمة: (خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته: خيبتنا وأخرجتنا من الجنة) وفي لفظ آخر: (لماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة) مع أن الله أعطاك هذه الخصائص، وهذا من غيرة موسى عليه السلام، فهو يريد أن يقول: أنت السبب في خروجنا من الجنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>