للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم انعقاد الإحرام في غير أشهر الحج]

اختلف العلماء في مسألة: هل ينعقد الإحرام في غير أشهر الحج، وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة؟ قال بعض العلماء: إنه لا ينعقد الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج، وهذا مذهب الشافعية وبه قال عطاء وطاوس، ومجاهد، وأبو ثور وهذا منقول عن عمر، وابن مسعود، وجابر، وابن عباس، ومنقول عن الإمام أحمد، وإن كان الأشهر في المذهب عن الإمام أحمد أنه يجوز أن يحرم في أشهر الحج وفي غيره من الأشهر، ولكن لا تقع الأعمال إلا في أشهر الحج.

وذهب النخعي، والثوري، ومالك، وأبو حنيفة، وأحمد إلى أنه يجوز قبل أشهر الحج ولكن يكره ذلك.

الإحرام قبل فيه مشقة على الإنسان، ولم يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فحتى من قال بجواز الإحرام قبل أشهر الحج قالوا: يكره هذا الشيء، فعلى هذا لا ينبغي لمسلم أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج التي ذكرها الله سبحانه وتعالى.

القائلون بجواز الإحرام قبل أشهر الحج مع الكراهة استدلوا بقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩] يعني: كل الأهلة كذلك.

أما من قال: لا ينعقد الإحرام إلا في أشهر الحج فقال: إن قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩] قد جاء مطلقاً، فيحتمل أن من الأهلة ما هو مواقيت للناس، مثل حل وقت الديون، وحل وقت المرأة الذي تعتد من الوفاة أو من الطلاق وغير ذلك، فهي مواقيت لهذا الشيء، ومنها مواقيت للحج في أشهر الحج، فقالوا: هذه الآية بإطلاقها قيدتها الآية الأخرى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:١٩٧].

فإذاً: قوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة:١٩٧] تقديره: أن أشهر الحج من ضمن الأشهر الباقية التي هي أشهر العام، ومنها الأشهر المعلومة التي تكون فيها المناسك وهي أشهر الحج، ولا ينعقد الإحرام بالحج إلا في أشهر الحج، وأشهر الحج هي شوال وذو القِعدة، وعشر ليال من ذي الحجة آخرها طلوع الفجر من يوم النحر.

<<  <  ج: ص:  >  >>