للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تهيؤ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لحجة الوداع]

قال محمد بن علي بن الحسين: (فصلى بنا، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بيده، فعقد تسعاً -يعني: عقد بيده العدد تسعة- قال: فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم).

أي: أن هذه هي السنة الوحيدة التي حجها، وهي الحجة التي سميت بحجة الوداع؛ لكون النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم ويحثهم أن يأخذوا المناسك منه صلى الله عليه وسلم، كما جاء في صحيح مسلم وغيره عن جابر قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه).

فقوله: (لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) فيه إشارة إلى توديعه صلى الله عليه وسلم، وإعلامهم بقرب وفاته صلوات الله وسلامه عليه، فكان يحثهم على أن يأخذوا المناسك منه عليه الصلاة والسلام، وينتهزوا الفرصة أنه معهم فيعلمهم صلوات الله وسلامه عليه.

فمكث النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة تسع سنين لم يحج، قال: (ثم أذن في الناس -أي: أعلم الناس- وجعل منادياً ينادي على الناس بذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج -يعني: في العام العاشر- فقدم المدينة بشر كثير، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم).

يعني: أنهم لم ينتظروا حتى يخرج ويقابلوه في الطريق، وإنما قدموا من أجل أنه من أول ما يخرج يأتسون ويقتدون به صلوات الله وسلامه عليه.

قال: (كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله، فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع؟ فقال: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي).

يعني: أنه خرج حتى وصل ذا الحليفة، فولدت أسماء بنت عميس، وكانت في ذلك الحين زوجة لـ أبي بكر الصديق رضي الله تبارك وتعالى عنه.

في رواية لـ ابن عباس لهذا الحديث قال: (انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بعدما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه عن شيء من الأردية والأزر تلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد).

يعني: أنه لم ينه عن أي نوع من أنواع الثياب يلبسها الإنسان من قطن أو من صوف أو من غيرها؛ فيلبس الإنسان ما شاء إلا ما كان حراماً من حرير؛ فقد نهى عنه صلى الله عليه وسلم، وإلا ما كان مزعفراً فإذا وضع وعرق الإنسان فإنه يلطخ ثيابه باللون الأصفر، وأيضاً هو من الطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>