للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإهلال المعلق]

يقول جابر: (وقدم علي من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم، فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً صبيغة، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها).

علي جاء من اليمن مهلاً، وكان يعمل للنبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه ولاه في اليمن، ولاية من الولايات كان فيها، واشترى للنبي صلى الله عليه وسلم من اليمن الهدي، أو ما يكمل به مائة ناقة للنبي صلى الله عليه وسلم.

قال: (فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل، ولبست ثياباً صبيغة، واكتحلت، فأنكر ذلك عليها، فقالت: إن أبي أمرني بهذا)، يعني: أن علي بن أبي طالب أنكر على فاطمة: أنت في الحج وأنت محرمة فكيف تعملي هذا الشيء؟ قالت: (إن أبي أمرني بهذا، قال: فكان علي يقول بالعراق: فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشاً على فاطمة للذي صنعت، مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال: صدقت صدقت)، أي: صدقت فاطمة رضي الله تبارك وتعالى عنها.

ثم قال: يسأل علياً: (ماذا قلت حين فرضت الحج؟ فقال علي قلت: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك صلى الله عليه وسلم).

وكون الإنسان يهل بإهلال فلان، هذا النوع يسمى إهلالاً معلقاً، وقد ذكرنا أن أنواع الإحرام خمسة.

وكل نوع من هذه الأنواع يجوز أن تحرم به، فيجوز أن تحرم مفرداً للحج، أو قارناً بين الحج والعمرة، أو متمتعاً بين العمرة إلى الحج، فالإنسان يحرم بعمرة، أو يحرم إحراماً مطلقاً وبعد ذلك يغير إلى شيء قبل الطواف، أو إحراماً معلقاً على إحرام فلان، كما فعل علي رضي الله تبارك وتعالى عنه.

فـ علي أهل إهلالاً معلقاً، وكذلك أبو موسى الأشعري رضي الله عنه تبارك وتعالى عنه، وفرق النبي صلى الله عليه وسلم في الحكم بينهما، فـ علي بن أبي طالب ساق هدياً فأمره أن يبقى على إحرامه وأبو موسى لم يسق هدياً وأهل أيضاً كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يتحلل رضي الله تبارك وتعالى عنه.

يقول هنا: (قال: قلت - أي: علي بن أبي طالب -: اللهم إني أهل بما أهل به رسولك صلى الله عليه وسلم، قال: فإن معي الهدي فلا تحل، قال: فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة) يعني: جملة هديه صلى الله عليه وسلم الذي ساقه لينحره هناك عند البيت مائة ناقة، بعضها جاء به من المدينة والبعض جاءه به علي من اليمن.

وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري قال: (قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منيخ بالبطحاء، فقال لي: حججت -يعني: لبيت بالحج-؟ فقلت: نعم.

قال: بما أهللت؟ قال: قلت: لبيك بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قد أحسنت، طف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حل).

فهنا أمر أبا موسى الأشعري بأن يحل؛ لكونه لم يكن معه هدي، فيكون مثله مثل غيره ممن لم يسق الهدي، وعلي بن أبي طالب ساق الهدي وأهل بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يستمر على إحرامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>