للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[طواف العمرة]

وإذا دخل المسجد فلأنه ذهب ليعتمر فلن يصلي تحية المسجد، ولكن تحية البيت الطواف، وهذا الطواف للمعتمر -طواف العمرة- هو طواف الركن، فليس له طواف قدوم؛ لأن طواف القدوم سنة للذي يذهب إلى الحج، فإذا نوى الإفراد أو نوى القران بين الحج والعمرة فهذا له طواف قدوم، لكن الذاهب إلى العمرة ليس له طواف قدوم، وإنما عليه طواف الفريضة أو الركن، فيطوف بالبيت هذا الطواف.

ففي حديث عائشة رضي الله عنها: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم أول شيء بدأ به حين قدم مكة أن توضأ ثم طاف بالبيت)، فإذا دخل المعتمر المسجد الحرام قصد الحجر الأسود، وبدأ الطواف من عنده، فإذا لم يكن عند الركن الذي فيه الحجر الأسود فإنه يمشي حتى يصل إلى الحجر الأسود، ويقف هنالك ويبدأ الطواف من عند الحجر الأسود.

والابتداء بالطواف مستحب لكل داخل، فكل إنسان يدخل إلى المسجد الحرام يستحب له أن يبدأ بالطواف، سواء كان محرماً، أو غير محرم، حتى لو أن إنساناً داخل للصلاة في وقت من الأوقات فإنه يستحب له أن يبدأ بالطواف بالبيت، وهذا بحسب ما يتيسر له، فلعله مع الزحام الشديد في مواسم العمرة والحج يكون صعباً أنه كلما يدخل المسجد يبدأ بالطواف، ولعله يتعذر عليه ذلك، فبحسب ما يتيسر له، إلا إذا خاف فوات صلاة مكتوبة، أو سنة راتبة، أو مؤكدة، أو فوات الجماعة المكتوبة، أو كان عليه فائتة مكتوبة؛ فإنه يقدم كل هذا على الطواف، ثم يطوف بالبيت، وهذا لغير المعتمر، أما المعتمر فأول شيء يبدأ به الطواف الذي هو طواف العمرة، إلا إذا كان المعتمر عليه صلاة ووقت الصلاة سيضيع، كما لو ذهب إلى هناك ودخل البيت قبل غروب الشمس ولم يكن قد صلى العصر، فهنا يبدأ بصلاة الفريضة، ثم يطوف بالبيت.

والعمرة ليس لها طواف قدوم كما ذكرنا، وإنما فيها طواف واحد، وهو طواف الفرض، أو طواف الركن.

والمحرم بالعمرة لا يتصور في حقه طواف القدوم؛ لأن أول طواف يفعله هو طواف الركن، وليس طواف القدوم، بل إذا طاف للعمرة أجزأه عنه، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه أنه طاف طوافاً للعمرة، وبعد ذلك طاف طوافاً آخر للقدوم، لم يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم، ولكن أول شيء أتى به هو طواف العمرة.

ولكن إذا طاف المعتمر بنية طواف القدوم وقع عن طواف العمرة؛ لأن هذا الطواف هو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم، كما أنه لو كان عليه حجة الإسلام فأحرم بحجة تطوع، فإنها تقع عن حجة الإسلام.

إذاً: إذا خرج ونوى العمرة وشرع في الطواف فالمستحب في حقه أن ينوي أن هذا طواف العمرة، لكن إذا لم ينو ذلك، وطاف مع الناس كما يطوفون، فهذا يجزئ عن طواف العمرة؛ لأن نية العمرة تأتي على كل ما يفعله بعد ذلك، فإذا طاف فهذا طواف العمرة، فإذا سعى فهذا سعي العمرة، سواء نوى بداية الطواف أو اكتفى بالنية الأولى التي كان عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>