للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفة الرمي]

والمستحب أن يرمي من بطن الوادي وأن يكبر مع كل حصاة، وكلمة (الوادي) المراد بها: المكان الذي بين الجبلين، أو المكان المتسع المنفسح الذي يقال: هذا فيه مسيل الوادي، أو مسيل الماء الذي فيه.

وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه (أنه رمى جمرة العقبة فاستبطن الوادي)، واستبطن الشيء بمعنى: دخل في بطنه، والمعنى: أنه لم يكن في مكان بعيد من الوادي، أو على حرفه، بل من داخله قريباً من الجمرات، فاستبطن الوادي بمعنى: دخل في بطنه.

(حتى إذا حاذى الشجرة اعترضها، أي: جعلها أمامه بالعرض، فرمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم قال: من هاهنا والذي لا إله غيره قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم).

وفي رواية أخرى: (أن عبد الرحمن بن يزيد حج مع ابن مسعود رضي الله عنه، فرآه يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصيات، فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة)، فالجمرة الكبرى أقرب إلى مكة.

وأما عند رمي الجمرتين الأولى والثانية في الأيام الآتية فسيكون مستقبلاً للقبلة وهو يرميها، لكن لو رمى جمرة العقبة فستكون القبلة عن يساره ومنى عن يمينه، فمنى سيكون بجوارها وليس مستقبلاً لها من أمامها؛ إذ لو أنه استقبلها من أمامها فسيكون ظهره لمكة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يساره لمكة وجعل يمينه لمنى، وجاء من جانبها ورماها بسبع حصيات، ومن أي موضع رمى أجزأ طالما أنه رمى إلى داخلها.

قال: (لما أتى عبد الله جمرة العقبة استبطن الوادي واستقبل القبلة، وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الأيمن، ثم رمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم قال: والله الذي لا إله إلا هو من هاهنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم).

وفي حديث جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى الجمرة التي عند الشجرة -أي: يوم النحر- فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها، والحصى مثل حصى الخذف، فرمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر).

وعندما يرمي جمرة العقبة الكبرى فلا يقف للدعاء عندها في اليوم الأول من أيام التشريق واليوم الثاني واليوم الثالث، لكن عندما يرمي الجمرة الأولى والثانية فسيقف عندها للدعاء، ويستحب أن يكبر مع رمي كل حصاة.

ويستحب أن يرفع يده؛ لأن هذا رمي وليس وضعاً، فيرفع يده ويكون كهيئة الرامي.

ويسن أن يكون الرمي بيده اليمنى، فلو رمى بيده اليسرى أجزأ؛ لحصول الرمي، ولكنه خلاف السنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>