للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استحباب نحر البعير قائماً معقولاً اليد اليسرى وإضجاع البقرة والشاة

السادس: يستحب أن ينحر البعير قائماً على ثلاث قوائم معقول اليد اليسرى، قال الله عز وجل: {وَالْبُدْنَ} [الحج:٣٦]، أي: الإبل {جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج:٣٦]، إذاً: فتنحر الإبل وهي قائمة؛ لقوله تعالى: (صَوَافَّ)، أي: قائمة على أيديها وأرجلها، وقال ابن عباس (صَوَافَّ)، قياماً وكلمة (صواف) أو (صافنة) بمعنى: قائمة أيضاً، ولكن معقولة اليد اليسرى، قائمة على ثلاث أرجل أو ثلاث قوائم واليد اليسرى معقولة مربوطة.

جاء في سنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها)، إذاً: فهذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عندما ينحرون الجمال أو الإبل ينحرونها وهي واقفة على القوائم، ثم يأتي على يدها اليسرى فيثنيها ويربطها، فتبقى على هذه الحالة، أي: واقفة على اليد اليمنى وعلى الرجلين الخلفيتين، فإذا نحره على هذه الحالة فلعل الجمل يثور عليه فيقع، إذاً: فالسنة في نحر الجمل أن يكون على هذه الحالة، وجاء عن ابن عمر أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها فقال: (ابعثها قياماً مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم).

فإن لم يتيسر نحرها قائمة فباركة، فينظر الإنسان الأيسر فيها، وقد ذكر بعض العلماء ومنهم الخرشي المالكي: أن السنة أخذ الشاة برفق، وتضجع على شقها الأيسر، ورأسها مشرف، وتأخذ بيدك اليسرى جلدة حلقها من اللحي الأسفل بالصوف أو غيره، فتمده حتى تتبين البشرة، وتضع السكين في المذبحة، ثم تسمي الله، وتمر السكينة مراً مجهزاً من غير ترديد، ثم ترفع، ولا تنخع ولا تضرب بها الأرض.

فقد جمع الآداب في هذه الجملة في شرحه لمختصر خليل في صفة الذكاة، قال: والسنة أخذ الشاة برفق، فيأخذ الشاة ومن ثم يضجعها على جانبها الأيسر، ويوجهها إلى القبلة، ورأسها مشرف، أي: مرتفع من أجل أن يطول لكي تذبح بسهولة.

وتأخذ بيدك اليسرى جلدة حلقها من اللحي الأسفل ذي الصوف أو غيره -واللحي: هو عظم الفك الأسفل- بحيث يشد الجلد حتى يبعد الصوف ويتبين الجلد الذي الصوف موجود فيه، وقول الخرشي: وتضع السكين في المذبح، أي: تحت الحلق، وفوق الجوزاء، وسواء كان فوق الجوزاء أو تحتها فالراجح أنه مجزئ في الحالتين.

وقوله: ثم ترفع ولا تنخع، النخع معناه: قطع العمود الفقري الذي يصل الرقبة كلها على بعضها، والنخع: مخ أبيض في فقرات العنق، أي: الأعصاب الموجودة داخل فقرات عنق الإنسان.

ثم قال: وإلا كنت قد قتلتها قبل ذكاتها، وهذا محمول على العكس، أي: على أنه من ظهرها، فلو أنه أمسك الشاة وبدأ الذبح من قفاها فقد بدأ الذبح، ويكون قد قطع فقرات رقبتها من الخلف، فلن يصل إلى الأمام إلا وقد ماتت على هذه الحال، وحكم هذه الحالة ما قاله الخرشي: تكون قتلتها، إلا أن يكون المر مراً سريعاً فيكون قد ذبحها بذلك، وهذا خطأ، أي: أن يبدأ بالقفا قبل أن يبدأ من الأمام، ولو فرضنا أن السكين كانت حامية جداً فمجرد أن نزل بها من على الرقبة قطعت الرقبة كلها، فالراجح: أن الذبح صحيح، وقد أساء في ذلك.

السابع: يستحب أن يضجع البقرة والشاة على جنبها الأيسر؛ لما جاء في حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>