للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحكام الكنى]

يجوز التكني، أن تكني إنساناً وتكتني أنت، ويستحب تكنية أهل الفضل من الكبار من الرجال والنساء، سواء كان لهم أولاد أو لم يكن لهم أولاد، فقد يكون للرجل ولد ويكنى بأبي فلان، وقد لا يكون له ولد أيضاً ويكنى بأبي فلان.

ففي سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: (يا رسول الله! كل صواحبي لهن كنى)، أي: كل نساء النبي صلى الله عليه وسلم لهن كنى وأنا ليس لي كنية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فتكني بابنك عبد الله)، يعني: عبد الله بن الزبير وهو ابن أختها أسماء، فكانت تكنى بـ أم عبد الله، وهي ليس عندها ولد، ولكن اكتنت باسم ابن أختها، والخالة بمنزلة الوالدة كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ويجوز التكنية بغير أسماء الآدميين، فيقال: أبو هريرة، وهريرة تصغير الهرة وهي القطة، وكذلك أبو المكارم، والمكارم صفة معنوية من الصفات، وكذلك أبو الفضائل، وأبو المحاسن ونحو ذلك.

ويجوز تكنية الصغير أيضاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه في حديث أنس رضي الله عنه قال: (إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير -أخ لـ أنس - يا أبا عمير ما فعل النغير؟)، وهو صبي صغير كان يلعب بعصفور، فالنبي صلى الله عليه وسلم يكنيه يا أبا عمير!! إذاً: يجوز التكنية للصغير وللكبير.

ولا بأس بمخاطبة الكافر والفاسق والمبتدع بكنيته، ولا تؤلف له اسماً آخر، فإذا كان له كنية فناده بها، والقرآن يفيد ذلك، فهذا أبو لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم كانت كنيته أبا لهب لشدة جماله، كأن وجهه يتلهب من جماله، فكان يكنى بذلك، ونزل القرآن يتوعده بالنار: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد:١]، ولم يأت باسمه الحقيقي ولكن ذكره بكنيته لأنه مشهور بها، وهذا دليل على أنه يجوز أن يخاطب الكافر والفاسق والمبتدع باسمه وبكنيته التي يعرف بها.

وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ سعد بن عبادة: (ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب؟) وهو رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول، فقد كانت كنيته أبا حباب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لـ سعد بن عبادة: (ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب)، وكان قد قال كلاماً بذيئاً كريهاً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنف أن يمر النبي صلى الله عليه وسلم راكباً حماره به، وأمره أن يبتعد عنه، وأنه زعم أن رائحة الشم تؤذيه، حتى إن بعض الصحابة الذين كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله لريح حمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب عندنا من ريحك، وكادوا يقتتلون بعضهم مع بعض، فهدأهم النبي صلى الله عليه وسلم وشكاه لسيد قبيلته سعد بن عبادة رضي الله عنه، فلما ذكره ذكره بكنيته.

وعبد الله بن أبي ابن سلول لابد أن تكتب (ابن سلول) بألف، وإذا لم تكتب فسيكون سلول جده، لكن سلولاً أمه، ولذلك إذا قلت: فلان بن فلان بن فلان ابن فلانة فلا أن تضع الألف لتبين أن هذه أمه وليس جده.

<<  <  ج: ص:  >  >>