للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحكام بيع الآجل]

السؤال

أناس يشترون سيارات ويبيعونها للناس بالتقسيط، وهم مستمرون في هذا العمل، فما حكم استمرارهم في هذا العمل، وهل يعد ذلك من الاحتيال في الربا؟ ثم إذا كان عملهم حلالاً فهل عليهم زكاة؟ وكيف تكون؟

الجواب

البيع بالتقسيط على وجهين: الوجه الأول: مثاله في شخص عنده سيارات، ويضعها عنده في المعرض، أو أكياس سكر أو أرز، فيحفظها ليدين الناس، فهذا لا بأس به؛ لأنه بيع دين، وبيع الدين جائز، بل يكاد جوازه يكون إجماعاً من المسلمين، وهو داخل في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:٢٨٢].

فإذا كان إنسان عنده معرض ممتلئ بالسيارات، وكل من جاء ليشتري سيارة بثمن عاجل باعها له مثلاً بثلاثين ألفاً، ومن جاء ليشتريها بثمن مؤجل إلى سنة باعها له بأربعين ألفاً أو خمسين ألفاً، فلا بأس بذلك، فبيع العاجل ليس كبيع الآجل، وكذلك السكر، فالذي يريد أن يأخذ الكيس عاجلاً يبيعه له بمائة وخمسين، والذي يأخذه مؤجلاً يعطيه بمائتين، فهذا لا بأس به.

والوجه الثاني: أن يكون إنسان ليس عنده شيء، فجاءه آخر وقال له: أريدك أن تقرضني فقال: نذهب أنا وأنت إلى السوق، ثم نشتري السيارة، فيشتريها هو حاضر، ويسلمها إياه، ثم يبيعها الثاني له.

وهذه تسمى مسألة التورق، وفيها خلاف بين أهل العلم، فأكثر العلماء على الجواز، والقول الثاني: المنع، وهو قول شيخ الإسلام وجماعة، فهو يقول: إنها أخية الربا، فهي دراهم بدراهم حالت بينهما السيارة، وقال مالك: هي دراهم بدراهم حالت بينهما الحريرة.

فالأفضل للإنسان إذا كان يبيع بالدين أن يجعل السلعة عنده، بحيث يكون عنده أكياس سكر أو رز أو قهوة، أو معرض سيارات، ومن جاءه باع له حاضراً أو مؤجلاً، والمؤجل يزيد عليه، أما كونه لا يملك شيئاً حتى يجيء إنسان فيقول: تعال اشتر لي السيارة الفلانية وأبيعها عليك؛ فهذه المسألة فيها اختلاف بين أهل العلم، وإن كان أكثر العلم على الجواز.

<<  <  ج: ص:  >  >>