للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم نسبة الأشاعرة إلى أهل السنة]

السؤال

ما رأيك فيمن يقول: إن الأشاعرة والهادوية من أهل السنة؛ لأنه لو قلنا: إنهم ليسوا من أهل السنة فإنه يترتب على ذلك مشاكل كثيرة؛ ذلك أن كثيراً من العلماء السابقين أشاعرة وكثير من مسائل العلم تؤخذ منهم؟

الجواب

الأشاعرة ليسوا من أهل السنة إلا فيما وافقوا فيه أهل السنة، وهم يثبتون سبع صفات لله عز وجل، وهي: الحياة والكلام والبصر والسمع والإرادة والعلم والقدرة، وينفون الباقي، فكيف يقال: إنهم من أهل السنة؟ ولهم مذهب في الإرادة، فهم لا يثبتون إلا الإرادة الكونية، ولا يثبتون الإرادة الدينية الشرعية، فهم جبرية.

وينكرون كذلك مسألة الأسباب وأن السكين تقطع، ويقولون: إن الله يوجد القطع عند السكين لا بالسكين، والأكل ليس مشبعاً، ولكن الله يوجد الشبع عند الأكل لا بالأكل، ويوجد الري عند الشرب لا بالشرب، والكسر عند الانكسار لا بالانكسار.

والمقصود: أنهم ليسوا من أهل السنة، والعلماء الذين اعتنقوا مذهب الأشاعرة لهم عذر في هذا؛ لأنهم مشوا على مذهب أهل السنة والجماعة وظنوا أن هذا هو الحق، ولم يوفقوا لمشايخ يدلونهم على معتقدات أهل السنة والجماعة، كالحافظ ابن حجر رحمه الله والنووي اللذين سلكا مسلك الأشاعرة في مسألة الصفات ولهم أعمال عظيمة وحسنات، وجهود في الحديث ومصطلح الحديث والفقه وغير ذلك.

فمثل هؤلاء مجتهدون في هذا، وأما كونه يؤخذ عنهم العلم في الفقه فلا بأس أن يؤخذ عنهم، ولا يمنع مانع أن يؤخذ منهم العلم في الفقه وفي غيره، وأما في مسألة الصفات فلا يعتمد على قولهم؛ لأنهم أخطئوا، والخطأ يرد على من أخطأ كائناً من كان، وحتى في مسائل الفروع قد يخطئ بعض العلماء في الفقه فلا يؤخذ منه ما أخطأ فيه، بل يرد عليه خطؤه.

وكون الإنسان يخطئ في مسألة لا يلزم من ذلك أنه لا يستفاد من علمه أو يرد ما جاء به، فالخطأ يرد على من أخطأ والصواب يؤخذ ممن أصاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>