للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شرح حديث أبي هريرة في انخناسه من رسول الله لجنابته]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في مصافحة الجنب.

حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع عن أبي هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه وهو جنب، قال: فانخنست، أي: فانخنست فاغتسلت، ثم جئت فقال: أين كنت؟ أو أين ذهبت؟ قلت: إني كنت جنباً، قال: إن المسلم لا ينجس).

قال: وفي الباب عن حذيفة وابن عباس.

قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة أنه لقي النبي صلى الله عليه وسلم وهو جنب حديث حسن صحيح، وقد رخص غير واحد من أهل العلم في مصافحة الجنب، ولم يروا بعرق الجنب والحائض بأساً.

ومعنى قوله: (فانخنست) يعني: تنحيت عنه].

هذا الحديث أخرجه الشيخان، وهو دليل على أن مصافحة الجنب لا بأس بها، والجنب طاهر عرقه وثيابه وسؤره، والسؤر: بقية الأكل والشرب، فالجنابة حدث وليست نجاسة، وكذلك الحائض طاهرة إلا في خصوص الدم.

وفي قوله: (ينجس) قال النووي: يقال بضم الجيم وفتحها لغتان، وفي ماضيه لغتان: نجس ونجس بكسر الجيم وضمها، فمن كسرها في الماضي فتحها في المضارع ومن ضمها في الماضي ضمها في المضارع أيضاً.

اهـ.

تقول: نجَِسَ يَنْجَسُ، أو نَجُسَ يَنْجُسُ.

قال الحافظ: تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر، فقال: إن الكافر نجس العين، وقواه بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:٢٨].

وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد أن المؤمن طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة، بخلاف المشرك؛ لعدم تحفظه عن النجاسة، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد.

والنجاسة في الكفر معنوية، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:٢٨] أما بدن المشرك فطاهر.

وحجتهم أن الله تعالى أباح نكاح نساء أهل الكتاب، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك لم يجب عليه من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب من غسل المسلمة، فدل على أن الآدمي الحي ليس بنجس العين؛ إذ لا فرق بين النساء والرجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>