للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ما جاء في كراهة الاستنجاء باليمين]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في كراهة الاستنجاء باليمين.

حدثنا محمد بن أبي عمر المكي، حدثنا سفيان بن عيينة عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه)].

وهذا ثابت في الصحيحين، والنهي هنا للتحريم، والكراهة تحمل على كراهة التحريم، ولذا يحرم على الإنسان أن يستنجي بيده اليمين إلا للضرورة، كأن تكون يده اليسرى مقطوعة.

قال المصنف رحمه الله: [وفي هذا الباب عن عائشة وسلمان وأبي هريرة وسهل بن حنيف.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح].

قال في الشرح: [قوله: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه الشيخان بلفظ: (قال: إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه).

قوله: (نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه) أي: بيده اليمنى تكريماً لليمين، والنهي في هذا الحديث مطلق غير مقيد بحالة البول، وقد جاء مقيداً، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة بلفظ: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول)].

فالاستنجاء غير مس الذكر، ومس الذكر مقيد بالبول، وقد جاء في الحديث الآخر في الصحيحين: (نهى أن يستنجي بيمينه، ونهى أن يمس ذكره وهو يبول، ونهى أن يتنفس في الإناء)، كل هذه الثلاثة جاءت في الصحيحين.

فهذا مقيد بحالة البول وهو في الصحيح؛ لأنه قد يصيبه شيء من البول ومن النجاسة، واليمين تبقى محرمة، أما الاستنجاء باليمين فلا يجوز، وأما مس الذكر فمقيد في حال بوله.

قال في الشرح: [وقد جاء مقيداً، ففي صحيح مسلم عن أبي قتادة بلفظ: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول)، وفي صحيح البخاري عنه: (إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه)، قال البخاري في صحيحه: باب: لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال.

قال الحافظ في الفتح: أشار بهذه الترجمة إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين كما في الباب قبله محمول على المقيد بحالة البول، فيكون ما عداه مباحاً، وقال بعض العلماء: يكون ممنوعاً أيضاً من باب الأولى؛ لأنه نهى عن ذلك مع مظنة الحاجة في تلك الحالة، وتعقبه أبو محمد بن أبي جمرة: بأن مظنة الحاجة لا تختص بحالة الاستنجاء، وإنما خص النهي بحالة البول من جهة أن مجاور الشيء يعطى حكمه، فلما منع الاستنجاء باليمين منع مس آلته حسماً للمادة، ثم استدل على الإباحة بقوله صلى الله عليه وسلم لـ طلق بن علي حين سأله عن مس ذكره: (إنما هو بضعة منك)، فدل على الجواز في كل حال، فخرجت حالة البول بهذا الحديث الصحيح، وبقي ما عداها على الإباحة].

وهذا هو الصواب: أنه مقيد بحالة البول؛ لأنه قال: يصيبك شيء من البول.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأبو قتادة الأنصاري اسمه: الحارث بن ربعي، والعمل على هذا عند عامة أهل العلم: كرهوا الاستنجاء باليمين].

<<  <  ج: ص:  >  >>