للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماءً جديداً

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماء جديداً.

حدثنا على بن خشرم، أخبرنا عبد الله بن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه)].

وهذا لا شك فيه، بل هو واجب أن يأخذ ماء جديداً للرأس.

قال أبو عيسى: [هذا حديث حسن صحيح.

وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه).

ورواية عمرو بن الحارث عن حبان أصح؛ لأنه قد روي من غير وجه هذا الحديث عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء جديداً).

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: رأوا أن يأخذ لرأسه ماء جديداً].

قال في الشرح: [واستدلوا على ذلك بحديث الباب، قال أبو الطيب السندي في شرح الترمذي: وبه أخذ علماؤنا -يعني: الحنفية- غير أنهم قالوا: هذا إذا أصابت يده شيئاً بحيث لم يبق البلل في يده، وهو لا ينافي الحديث، بل العلة تقتضيه، نعم ظاهر هذا الحديث الإطلاق، فيأخذ ماء جديداً على كل حال، لكن الحديث الثاني مسح رأسه بماء غبر، أي: بقي من فضل يديه، يدل على الذي ذهب إليه علماؤنا، فهم حملوا أحد الحديثين على حالة، والآخر على حالة أخرى، ففيه جمع بين حديثين، ولا شك أن الجمع أولى].

والحديث الثاني يحتاج إلى ثبوت، وكأن الأحناف يرون أنه لا بأس أن يمسح رأسه إذا بقي في يديه بلل من غسل يديه، وهذا يحتاج إلى دليل، فالأفضل أنه يأخذ ماءً جديداً، فيأخذ ماءً للوجه وماءً لليدين وماءً للرأس، وماءً للرجلين، أما أن يمسح الرأس بما بقي من البلل في يديه فهذا يحتاج إلى دليل.

قال في الشرح: [قلت: رواية: (مسح بما غبر) تفرد بها ابن لهيعة وهو ضعيف، وخالف فيها عمرو بن الحارث، وهو ثقة حافظ، فهذه الرواية غير محفوظة، نعم أخرج أبو داود عن الربيع بنت معوذ: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده)، قال السيوطي في مرقاة الصعود: احتج به من رأى طهورية الماء المستعمل، وتأوله البيهقي على أنه أخذ ماء جديداً وصب نصفه، ومسح ببلل يده ليوافق حديث عبد الله بن زيد، ومسح رأسه بماء غير فضل يديه، أخرجه مسلم والمصنف يعني: أبا داود والترمذي.

انتهى كلام السيوطي.

قلت: إن صح حديث الربيع بنت معوذ هذا فلا حاجة إلى تأويل البيهقي، بل يقال: كلا الأمرين جائزان، إن شاء أخذ لرأسه ماء جديداً، أو إن شاء مسحه بفضل ما يكون في يده، لكن في سنده ابن عقيل وفيه مقال مشهور كما عرفت، وفي متنه اضطراب، فإن ابن ماجة أخرج من طريق شريك عن عبد الله بن عقيل عن الربيع بنت معوذ قالت: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بميضأة فقال: اسكبي، فسكبت فغسل وجهه وذراعيه، وأخذ ماء جديداً فمسح به رأسه مقدمه ومؤخره).

فالقول الراجح: هو أن يؤخذ لمسح الرأس ماءً جديداً.

والله تعالى أعلم].

وقد أخرج ابن ماجة من طريق شريك عن عبد الله بن عقيل عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بميضأة فقال: اسكبي، فسكبت، فغسل وجهه وذارعيه، وأخذ ماء جديداً، فمسح به رأسه: مقدمه ومؤخره).

فالقول الراجح هو أن يؤخذ لمسح الرأس ماءً جديداً، بل هو الصواب والمتعين؛ لأن الأحاديث التي فيها: أنه مسح رأسه بما بقي من البلل من ماء يده لم تصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>