للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حالات رؤية الهلال]

تنقسم رؤية الهلال إلى حالات منها: غروب القمر يوم التاسع والعشرين قبل غروب الشمس، فالمقصود أن الشمس تغرب والأرض تغرب، وكما نعلم أن الأرض تدور والقمر يدور حول الأرض، {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس:٣٨]، فالأرض تدور في مدار الشمس فعلى ذلك فإن القمر يدور حول الأرض، وعندما يأتي القمر بين الأرض وبين الشمس ستكون أشعة الشمس على جزء من القمر وهو الذي يراه الإنسان بحسب حركة القمر مع الشمس، فإذا تحرك فوقها فإنه يظهر على شكل حرف نون، وإذا تحرك وانزاح بجوارها فإنه يظهر على شكل حرف راء، فهنا يقولون لنا: إذا كان غروب القمر ليلة تسع وعشرين قبل غروب الشمس ففي هذه الحالة لا يمكن رؤية أي جزء من القمر بعد الغروب وذلك يعني استكمال الشهر، وحساب المراصد يقول: إن القمر سيغرب هذه الليلة فسوف يغرب هذا النهار الساعة الرابعة والنصف، قبل غروب الشمس وإذا كان القمر على ذلك وجاء واحد وقال: أنا رأيت الهلال هذا النهار، نقول له: أنت كاذب فليس هذا من الممكن.

فهذا مبني على أشياء يقينية عندهم، فالأمر ليس له علاقة بالحساب، وإنما من خلال الدراسة لسنين طويلة وصلوا إلى هذا الشيء مستعينين بالرصد والتصوير والكمبيوتر وغير ذلك بحيث يقول لك متى سيغرب الهلال هذه الليلة، فإذا غرب الهلال قبل الشمس، فعلى ذلك مستحيل أن يرى الهلال ويكون غداً المتمم لشهر شعبان.

إذاً: الأصل يكون الاعتماد على الرؤية البصرية والمراصد تصدق هذا أو ترد شهادته.

حالة أخرى: وهي ظهور الهلال بعد غروب شمس يوم التاسع والعشرين بفترة، وهذه مسألة حسابية، فمثلاً يقال: هذه الليلة ستغرب الشمس الساعة السادسة، والقمر من المفروض أن يغرب بعد الشمس بعدة ساعات، فمن المستحيل هنا أن يرى القمر؛ لأنه لا يرى إلا بعد ثمان ساعات من ميلاده.

فلو جاء إنسان في هذه الليلة وقال: أنا رأيته، فنقول له: يستحيل أن تراه، لأن فترة ولادته كان محجوباً بالشمس فليس من الممكن أن يرى، وعلى هذا فإن المراصد والحساب الفلكي هي أمارة على نفي ما أثبته الشاهد، لكن إذا جاء الشاهد وقال: أنا رأيته، والحساب يثبت أنه فعلاً يمكن أن يرى في هذه الليلة، فعلى ذلك يكون العمل على رؤية الهلال.

أما مفهوم ولادة القمر أو الهلال فنقول: إن القمر أثناء دورانه حول الأرض يمر بوضعية ينطبق فيها ظاهرياً على الشمس، فإذا كان ينطبق ظاهرياً على الشمس فهذا يوافق المحاق، والمحاق هي الليالي التي لا يرى فيها القمر، فيكون منطبقاً على الشمس ويقع بينها وبين الأرض، فإذا انطبق في وقت الليل أمام الشمس فالشمس تجعله لا يظهر، وفي هذه الحالة يكون المحاق الذي يكون في آخر الشهر، فإذا علا التمر قليلاً عن الشمس، يكون الجزء الأسفل من القمر هو الذي يرى، وشعاع الشمس يسقط عليه فيظهر على شكل حرف نون، وهذا هو الهلال، لكن هذا لا يحدث إلا نادراً وذلك عندما تقع الأرض والقمر على استقامة واحدة والتي هي في حالة كسوف الشمس.

أما في الحالة العامة فيكون القمر منزاحاً إلى أحد جانبي الشمس، فيكون إما يميناً وإما يساراً فيظهر على شكل حرف الراء، فإذا صار القمر أثناء دورانه على خط أفقي واحد مع الشمس فيكون في المحاق.

[بيد أن العين البشرية لا تستطيع رؤية القمر بعد ولادته إذا كان عمره أقل من ثمان ساعات]، فميلاد القمر معناه انزياح القمر عن الشمس في نظر الرائي، وفي هذه الحالة يكون القمر بين الشمس وبين الأرض، أما إذا انزاح عن الشمس يميناً أو إلى أعلى فهنا يقال: ولد، ووقت ميلاد القمر لا يرى القمر فالشمس تمنعك من رؤيته، وضوء الشمس العادي يمنع من ذلك، فإذا انزاح وبعد عن الشمس فيمكن أن تراه، ففي هذا الوقت يمكنك أن تراه بعد ميلاده بثمان ساعات، والعين البشرية لا تستطيع رؤية القمر بعد ولادته إذا كان عمره أقل من ثمان ساعات؛ وذلك لشدة قربه من الشمس وتأثير ضوئها على وضوحه، ورؤية القمر لا تتم إلا إذا كان عمره قبل الغروب ثمان ساعات أو أكثر.