للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نزول القرآن ومدارسة النبي صلى الله عليه وسلم له مع جبريل في رمضان]

يستحب تلاوة القرآن في أيام وليالي رمضان التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدرس مع جبريل فيها القرآن، فكان جبريل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الليالي يدارسه القرآن، ويقرأ مع النبي صلى الله عليه وسلم القرآن -الذي نزل عليه صلوات الله وسلامه عليه- من أوله إلى آخره، وكان في كل سنة يقرأ مع النبي صلى الله عليه وسلم مرة، حتى جاء العام الذي توفي فيه صلى الله عليه وسلم فقرأ مع النبي صلى الله عليه وسلم وعرض القرآن مرتين، حتى تكون هذه آخر ختمة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ويتعلم الناس من النبي صلى الله عليه وسلم آخر ما نزل عليه صلوات الله وسلامه عليه على الترتيب الذي بين أيدينا من هذا الكتاب العظيم.

روى الإمام أحمد عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أنزلت صحف إبراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان، وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان، والإنجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان، وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان)، هذا القرآن العظيم كما نزلت الكتب من قبله كصحف إبراهيم الذي نزلت صحفه في رمضان، ونزلت كلها مرة واحدة عليه، وكذلك موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام الذي أمر نبينا صلوات الله وسلامه عليه أن يقتدي بمن قبله من الأنبياء، وهؤلاء من أولي العزم من الرسل عليهم الصلاة والسلام، نزلت عليه التوراة لست مضين من رمضان.

والإنجيل نزل على عيسى عليه الصلاة والسلام لثلاث عشرة خلت من رمضان، والقرآن نزل لأربع وعشرين، وهذه الكتب السابقة كلها نزلت مرة واحدة من السماء على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لكن القرآن نزل إلى السماء الدنيا ثم نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك منجماً.

جاء عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث يحث فيها على تلاوة القرآن، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن) أي: يعرض جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم ويعرض النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل هذا القرآن العظيم، قال (فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) فهذه فضيلة عظيمة أن ينزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان يراجع معه ما حفظ من هذا الكتاب العظيم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشتاق لذلك، وكان يفرح لذلك جداً، فيتصدق بكل ما عنده صلوات الله وسلامه عليه، فهو أجود من الريح المرسلة صلوات الله وسلامه عليه.