للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب الإخلاص في قراءة القرآن وحفظه وتعلمه]

ومن الأحاديث التي جاءت عنه صلوات الله وسلامه عليه مما لم نذكره قبل ذلك: ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعلموا القرآن وسلوا به الجنة قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا)، أي: تعلموا القرآن واطلبوا من الله عز وجل بهذا القرآن الجنة، فإذا قرأت القرآن فادع الله وسله سبحانه، والقرآن وسيلة تتوسل به إلى الله سبحانه تبارك وتعالى، بحفظك له، وقراءتك له، وحبك له، وإيمانك به، وعملك به، فتتقرب إلى الله وتتوسل إلى الله عز وجل، وتسأل الله عز وجل بحبك وإيمانك بالقرآن أن يدخلك الجنة، نسأل الله عز وجل أن يدخلنا الجنة.

وقوله صلى الله عليه وسلم: (قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا)، أي: أن القرآن غنى لصاحبه، يغني قلب الإنسان المؤمن، وأنه قد يطلب به الدنيا، فيقول لنا: لا تكونوا طالبين للدنيا بالقرآن، إنما اطلبوا الآخرة بالقرآن قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: (فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به)، فالأول: يباهي به، أي: يحفظ القرآن ليرى أنه حافظ له وغيره لا يحفظ، وليرى أنه المتفرد وحده ولا أحد مثله، فهذا حفظ ليباهي به الناس، ولم يأخذ من حفظه القرآن إلا المباهاة، ولن ينتفع بذلك يوم القيامة، فاحذر أن تكون من هؤلاء، واحذر أن تتعلم القرآن لتكون نقاداً للآخرين، وتقول لغيرك: أنت لا تعرف تقرأ، وأنت قرأت كذا، والشيخ الفلاني يخطئ في كذا، وعنده: أن كل الناس يخطئ، ولا يسلم إلا هو المتفاخر المباهي، الذي ستكون مصيبته مصيبة يوم القيامة.

والثاني: الذي يحفظ القرآن ليستأكل به، رضي من حفظه للقرآن أن يذهب يقرأ للناس ويأخذ منهم مالاً، فهذا حظه منه، والثالث: رجل يقرأ لله عز وجل، يطلب الأجر من الله سبحانه وتعالى في حفظه لكتاب الله، وفي تعليمه لكتاب الله، وفي تلاوته لكتاب الله، يطلب وجه الله سبحانه وتعالى، وهذا أعظم الناس فيه.