للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تنظيف المساجد وإزالة ما فيها من أذى]

يسن كنس المسجد وتنظيفه وإزالة ما يُرى فيه، والمسلم عليه أن ينظف بيت الله سبحانه وتعالى فلا يلقي الحصا ولا الشعر ولا التراب، وإذا دخل ينظر إلى حذائه إذا كان فيها تراب وخصوصاً في الصيف، فإذا كان في الحذاء تراب نظفها بإزالته ولا يؤذي أحداً عند تنظيفها، فإذا دخلت المسجد فضع الحذاء في المكان المخصص له، كذلك نظافة المسجد فلا تعتمد على من يكنسه فهذا الذي يعمل في المسجد ربما يكون واحداً أو اثنان وهذا قليل، فلا يقدر على أن يكنس ثلاثة أدوار في المسجد وينظفه إلا أن نساعده كلنا, وأن لا يرمي أحد شيئاً في المسجد حتى لا يؤذ غيره، وإذا وجد من ذلك شيئاً أزاله.

ولا ينبغي للإنسان أن يرمي نوى التمر من طاقة المسجد إلى الشارع ويتعذر أن الناس كلهم يفعلون ذلك, بل لا بد أن يكون هناك فرق بينك وبين الناس, فضع النوى في مكانه المخصص له وأزله من الشارع، فإن في إزالة الأذى من الطريق أجر، وقد أخبر النبي صلوات الله وسلامه عليه في الحديث أن: (الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق).

فكأن الذي لا يميط الأذى عن الطريق قد فقد شعبة من شعب الإيمان, فهذا الذي يتركها في الطريق، فما بالك بالذي يضعها فيه؟! جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المسجد فرأى نخامة في القبلة، فاحمر وجهه صلوات الله وسلامه عليه, وأخذ عوداً فحكها، وجاءت امرأة من الأنصار فمسحتها، وجاءت بطيب وطيبت مكانها، فمدحها النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (ما أحسن هذا!).

فالإنسان الذي يكنس بيت الله سبحانه وتعالى وينظفه له أجر عظيم عند الله، ويكفي في فضيلته أن امرأة كانت تقم المسجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, أي: ترفع القمامة أو أي شيء يؤذي المصلين من المسجد, فلما ماتت هذه المرأة كأن الناس احتقروها, فدفنوها من غير أن يؤذنوا بها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما افتقدها سأل: أين فلانة؟ قالوا: ماتت ودفناها, فحزن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أصحابها، وإن الله ينيرها لهم بصلاتي عليهم, دلوني على قبرها, فدلوه على قبرها, فذهب يصلي عليها عند قبرها)، فصلى على هذه المرأة، مع أن هناك كثيراً ماتوا بالليل ودفنوا ولم يسأل عنهم، أو لما أخبروه سكت صلى الله عليه وسلم، لكن هذه المرأة لها فضيلة، فهي كانت تكنس مسجد النبي صلى الله عليه وسلم, وكأن الذي يكنس بيت الله عز وجل له فضيلة يستحق أن يحمد عليها، ويستحق أن يصلى عليه إذا مات ويدعى له, فالذي ينظف بيت الله تبارك وتعالى يعتبر من عمار بيوت الله، قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ} [التوبة:١٨].

كذلك جاء عن جابر (أن رجلاً مر في المسجد بأسهم قد أبدى نصالها فأمره أن يأخذ بنصالها، لا يخدش المسلمين)، لأنه من الممكن أن يؤذي بها الناس في المسجد أو في الطريق, فأمره أن يمسك بالنصال حتى لا يؤذي أحداً من الناس وهو يسير داخل المسجد.