للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آثار الشرك على صاحبه]

ذكر المصنف في الباب عن عمران بن حصين رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في يده حلقة من صفر)، والصفر: النحاس، فقال: (ويحك ما هذه؟ قال: من الواهنة، قال: انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهناً، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً)، الحديث معناه صحيح لكن إسناده ضعيف، فهو من رواية الحسن عن عمران، وقد قالوا: إن الحسن لم يسمع من عمران، وإن أثبت الإمام الحاكم أنه سمع منه، لكن في إسناده أيضاً مبارك بن فضالة، وهو إن كان صدوقاً لكنه يدلس ويسوي، والتسوية شر أنواع التدليس، فالحديث ضعيف حتى ولو كان الحسن سمعه من عمران، وقد ساق إسناد هذا الحديث قال الإمام أحمد: حدثنا خلف بن الوليد حدثنا المبارك -وهو مبارك بن فضالة - عن الحسن قال: أخبرني عمران، وفي هذه الرواية أن الحسن سمع من عمران، وإن كان لم يسمع الأحاديث التي يرويها عن عمران أو عبادة أو غيره.

لكنه سمع منهم بعض الأحاديث، وبعضها دلسها عنهم، فالأحاديث التي سمعها منهم يقول فيها: أخبرني ولكن قوله أخبرني لا تنفع في هذا الحديث؛ لأن الراوي هو مبارك بن فضالة ومبارك كان مدلساً شر أنواع التدليس وهو تدليس التسوية، وقد عنعن هنا في روايته عن الحسن وهذا هو سبب ضعف الحديث.

ومعنى الحديث: أنه لو مات وعليه هذه الحلقة وهو يعتقد أنها تنفع وتضر مع الله تبارك وتعالى فقد أشرك بالله، ولا يفلح المشرك إذا لقي الله سبحانه وتعالى، والله يقول: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك)، (من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)، ويقول لنا في القرآن: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:٤٨]، وكأنه يريد أن يقول: ينبغي على الإنسان المؤمن أن يحافظ على عبادة الله سبحانه وتوحيده، وأن يلجأ إلى الله وليس إلى غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>