للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قلائد أهل الجاهلية وعلة تحريمها]

أما القلائد التي كان يضعها أهل الجاهلية وبقيت إلى أن جاء الإسلام حتى نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم فقد كانت توضع لدفع الضر والحسد عن المال أو الجمل.

وقد جاء عن الإمام مالك أنه سئل عن القلادة فقال: ما سمعت بكراهتها إلا في الوتر، وكأن الإمام مالك يعني أن القلادة الممنوع منها هي الوتر فقط، والحديث ذكر المنع من الوتر أو أي قلادة أخرى، ولم يكن هناك فرق عند أهل الجاهلية بين أن تكون القلادة من وتر أو حبل يلف حول رقبة البعير أو نحوه يضعه في يده، فكلها مثل بعضها، فإن علقها في الرقبة كانت قلادة، وإن علقها في اليد كانت أساور، لا فرق بين ذلك كله طالما أن الاعتقاد أنها تنفع، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أي مظهر من مظاهر الشرك، والذي جعل الإمام مالك رحمة الله عليه يقول: ما سمعت بكراهتها إلا في الوتر، هو تأدبه مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه أنه قلد هديه، وأيضاً ما جاء عن السيدة عائشة قالت: كنا نفتل قلائد هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الإمام مالك خشي أن يظن أن القلادة ممنوعة، ومن ثم يأتي إنسان ويقول: إذاً كيف قلد النبي صلى الله عليه وسلم هديه؟ فقال: ما سمعت بكراهتها إلا في الوتر، وكأنه يقصد أن غير الوتر من القلائد جائز على الصورة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يكون علامة للبعير حتى إذا ضل عرف الناس أنه هدي، ولا يعني من ذلك ما كان يفعله أهل الجاهلية، فهذا كله حرام بسبب الاعتقاد أن هذه تنفع أو تدفع الضر، وهذا هو القياس الصحيح الذي يحمل عليه قول الإمام مالك رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>