للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

أما بعد: يقول الله تعالى: {لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة:١٠٨].

عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: (نذر رجل أن ينحر إبلاً ببوانة، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا.

قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك فإنه لا وفاء بنذر في معصية الله ولا في ما لا يملك ابن آدم)، رواه أبو داود وإسناده على شرطهما.

هذا الباب الحادي عشر من كتاب التوحيد، والمقصود منه المحافظة على مقام التوحيد، وأن الإنسان المسلم لا يتشبه بالمشركين في شيء كانوا يفعلونه لئلا يؤدي به الأمر بعد ذلك إلى الوقوع فيما كانوا يفعلونه على ما كانوا ينوونه في أفعالهم، فكان المشركون لهم أعياد في الجاهلية، يعني: أماكن يجتمعون فيها ويعود عليهم الحول فيجتمعون فيها مرة ثانية وثالثة، وهذا أصل العيد، وهو الاجتماع سواء في المكان أو في الزمان.

يقول هنا: باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله، والذبح عبادة وهو نسك، وسمي نسكاً من النسك وهو التعبد، يقول الله: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:١٦٢].

والصلاة هي العبادة البدنية والنسك هو العبادة المالية، والصلاة والنسك لا يكونان إلا لله وكذلك كل العبادات لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى.

يقول المصنف: [وفيه معرفة قدر الشرك في قلوب المؤمنين].

يعني: في هذا الأمر، والإنسان لو أنه أشرك بالله سبحانه وتعالى في شيء من العبادة أو في الذبح بأن جعله لغير الله فيكون في البداية متوجهاً لله عز وجل فيتشبه بالمشركين في شيء فعلوه، ثم بعد ذلك شيئاً فشيئاً حتى يتوجه لغير الله عز وجل بهذه العبادة كما يفعل الكثيرون من المشركين في عباداتهم لغير الله سبحانه.

وكان الحديث الذي قبل ذلك في الرجل الذي قرب ذبابة والرجل الذي لم يقرب الذبابة، فقد كان هناك صنم للكفار وقالوا لرجل: قرب ولو ذباباً فقرب ذباباً فكان من أهل النار.

وقالوا لرجل آخر: قرب ولو ذباباً.

قال: ما كنت لأقرب شيئاً لغير الله سبحانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>