للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[طلب الحوائج من الموتى من أنواع الشرك]

قال ابن القيم رحمه الله: ومن أنواعه -يعني: من أنواع الشرك- طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم، فهم يزعمون أن هؤلاء الموتى يملكون قضاء الحوائج، مع أن الله عز وجل قد قطع عنهم ما كان من أمر الدنيا، فصاروا لا يعرفون شيئاً من أمور الدنيا إلا ما يبلغهم الله سبحانه وتعالى من شيء.

فهنا يقول ابن القيم: أن من أنواع الشرك طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتوجه إليهم.

وقال السبكي: إن المبالغة في تعظيم الرسول صلى الله عليه وسلم واجبة، فهنا لا بد من النظر في معنى هذه الكلمة، أي نوع من المبالغة؟ هل هي إظهار المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه رسول رب العالمين، أم الاحترام الذي يليق به كبشر، أو أنه المبالغة في ذاته حتى يخرجوه عن حدوده البشرية فيجعلونه في منزلة الله سبحانه وتعالى، فيسمع ويجيب الناس حوائجهم، وهذا مما لا يحل لأحد أن يعتقده.

لذلك يقول ابن عبد الهادي رداً عليه: إن أُريد بتعظيم النبي صلى الله عليه وسلم المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظيماً، حتى الحج إلى قبره والسجود له، والطواف به، واعتقاد أن النبي يعلم الغيب، وأنه يعطي ويمنع، ويملك لمن استغاث به من دون الله الضر والنفع، وأنه يقضي حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء، ويدخل الجنة من يشاء، فالمبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك.

فهذا قد أعطى للنبي صلى الله عليه وسلم ما لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى.

وتفصيل الكلام: إذا وجد إنسان يقول أنه سيتوجه إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم للطواف به مثلاً، وإن كان لا يحدث مثل هذا والحمد لله، ولا يقدر عليه من يريد أن يفعل ذلك على أن يطوف بقبر النبي صلوات الله وسلامه عليه- ولكن إن اعتقد إنسان أنه يحل له أن يطوف بقبر نبي أو بقبر ولي أو غير ذلك فهذا من الشرك بالله سبحانه؛ لأنه يكون قد توجه بعبادة لغير الله سبحانه وتعالى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم! لا تجعل قبري وثناً يعبد).

<<  <  ج: ص:  >  >>