للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:

[فضل الدعاء]

وقد ساق الشارح أحاديث في الدعاء وأن الدعاء عبادة لله سبحانه وتعالى، منها قول أنس رضي الله عنه مرفوعاً: (الدعاء مخ العبادة)، وقد ذكرنا هذا الحديث وأنه ضعيف؛ لأن في إسناده ابن لهيعة وهو مدلس، والراوي عنه الوليد بن مسلم وهو مضطرب وعلى هذا فالحديث بهذه الصيغة ضعيف.

لكن صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الدعاء هو العبادة)، فذكر الدعاء وأخبر أنه عبادة لله سبحانه.

وكذلك في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)، فإذا طلبت فلا تطلب من غير الله، ولكن اطلب من الله وهذا حديث حسن رواه الترمذي وغيره، وقال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاهٍ).

فإذا كان القلب مستيقناً بالإجابة أعطى الله للعبد مسألته، وإذا كان العبد لاهياً غافلاً يدعو باللسان وليس في قلبه الموافقة لما يقوله بلسانه فلا يستحق الإجابة، وهذا الحديث هو حديث حسن.

وكذلك جاء في حديث آخر: (من لم يسأل الله يغضب عليه)، رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني.

إذاً: الدعاء عبادة لله عز وجل، فإذا دعوت فادع الله سبحانه وحده، فالله يفرح بعبادة عبده له كدعائه له، ويستجيب سبحانه وتعالى له، فإذا ترك الدعاء غضب الله عز وجل عليه.

وكذلك جاء في الحديث الآخر: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، رواه الترمذي وقال: حديث غريب، وحسنه الألباني، ففيه أن من أعظم ما تعبد به ربك سبحانه أن تدعوه.

كذلك ذكر الشارح حديثاً لا يصح عنه صلى الله عليه وسلم وهو: (الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض) وهذا حديث موضوع لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وأيضاً ذكر حديث: (اسألوا الله كل شيء حتى الشسع إذا انقطع)، والشسع هو الذي يمسك نعل الإنسان في قدمه، وهذا لا يصح مرفوعاً، إنما يصح من قول عائشة رضي الله عنها وهو حديث حسن موقوفاً على عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها، فيجب عليك أن تتعود على الدعاء حتى في أقل الأشياء، فإذا انقطع حذاؤك فادع ربك سبحانه وتعالى.

فالدعاء عبادة تتقرب بها إلى الله وتؤجر عليها وتثاب من الله سبحانه وتعالى، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (اللهم! إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان) إلى آخره، وكذلك قوله: (اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد)، فهذا من دعاء النبي لربه سبحانه والذي فيه الطلب وفيه التعظيم لله سبحانه والعبادة له.

وهذا حديث أخير ذكره في المتن وهو حديث ضعيف قال: روى الطبراني بإسناده أنه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين فقال بعضهم قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله) والحديث في إسناده ابن لهيعة وفيه أيضاً رجل مجهول وهو الراوي عن عبادة بن الصامت، فالحديث لا يصح.

ورواه الإمام أحمد بلفظ آخر، وفيه أن القائل أبو بكر الصديق رضي الله عنه، قال: قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنه لا يقام إلا لله)، فنهاهم عن أن يقوموا للنبي صلى الله عليه وسلم مع أنهم يطلبون منه شيئاً، وهو أن يغيثهم من المنافق الذي آذاهم، ولكن ليكونوا على أماكنهم ويطلبوا من النبي صلوات الله وسلامه عليه ما شاءوا، وإسناده أيضاً ضعيف.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

<<  <  ج: ص: