للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مراتب العبودية وأعلاها العبودية الخاصة]

يقول: أعلى مراتب العبد العبودية الخاصة، والرسالة من العبودية.

فالعبودية منها عبودية عامة، ومنها عبودية خاصة، وكل الخلق عبيد لله رب العالمين شاءوا أم أبوا، فقد خلقهم الله، ولكن العبودية الخاصة أنه رضي بأن يكون عبداً لله، فكان عبداً لله وحده لا شريك له، فهنا يقول: أعلى مراتب العبد: العبودية الخاصة التي كان عليها النبي صلوات الله وسلامه عليه، وعليها المؤمنون من أتباعه عليه الصلاة والسلام أنه رسول رب العالمين.

فالمؤمن يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عبده ورسوله، حتى لا يقع المسلمون في ما وقع فيه أهل الكتاب، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ} [التوبة:٣٠] فهؤلاء عبدوا غير الله سبحانه.

أما الإنسان المؤمن فيقول: هذا النبي صلى الله عليه وسلم عبد لله، وهو يقول ذلك: (إنما أنا عبد أجلس كما يجلس العبد وآكل كما يأكل العبد) فهو عبد الله ورسول الله عليه الصلاة والسلام.

ولما سمع النبي صلى الله عليه وسلم الجواري ينشدن وتقول واحدة منهن: وفينا نبي يعلم ما في غد، فقال: (لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، إنما أنا عبد) وقال لها ولغيرها: (لا يستهوينكم الشيطان)، أي: لا يستجرينكم الشيطان ولا يلعب بكم الشيطان، قولوا ببعض ما تقولون، يعني: نهاها أن تقول إنه يعلم ما في غد، فإنه لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى.

وشهادتك أن محمداً عبد الله تقتضي أنك لا تعبد إلا الله وأن محمداً عبد ليس أعلى من هذه المرتبة عليه الصلاة والسلام، فهو عبد لله سبحانه، ثم هو رسول رب العالمين، وشهادتك بأنه رسول معناها أنك مقر بأنه جاء من عند رب العالمين بهذه الرسالة، فلا تفعل إلا ما جاء عن طريقه هو صلوات الله وسلامه عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>