للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[معنى التوحيد وأقسامه]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله.

وقول الله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء:٥٧] وقوله سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف:٢٦ - ٢٨].

هذا الباب هو الباب السادس من كتاب التوحيد وفيه تفسير توحيد الله سبحانه وتعالى، توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات.

فالله عز وجل هو الإله، ومعنى: لا إله إلا الله، أي: لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى، وتوحيد الألوهية من توحيد العبادة: وهو إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة، وذكرنا قبل ذلك أن الله عز وجل هو الإله سبحانه، بمعنى: المعبود، وغيره آلهة باطلة يعبدها أهل الشرك، وهي لا تستحق العبادة، فلما تقول: لا إله إلا الله يعني: لا معبود بحق إلا إله واحد وهو الله سبحانه.

وتوحيد الألوهية مقتضاه: أن العباد يتوجهون إلى الله سبحانه بالعبادة.

وتوحيد الربوبية مقتضاه: أن الله سبحانه وتعالى وحده الرب الذي ينفرد بالخلق، وبالأمر، وبالتشريع، وبالتدبير للكون، وبتربية خلقه وتنشئتهم سبحانه، وأن يرزقهم ويعطيهم وينفعهم، ويضرهم، ويمنعهم ويعزهم ويذلهم، ومقتضى أنه رب: أنه يفعل أفعالاً سبحانه وتعالى لا يقدر أن يفعلها غيره.

ولله الأسماء الحسنى، فتوحيد الأسماء والصفات: أن تؤمن بأن الله سبحانه وتعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (أسألك بكل اسم هو لك) فالله واحد سبحانه وله أسماء حسنى كثيرة، يقول: (أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي وغمي) فالله عز وجل له الأسماء الحسنى، وفي الحديث: (إن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة).

إذاً: فتوحيد الأسماء والصفات يتعلق بأسمائه، وله أسماء كثيرة وصفات عالية عظيمة، كلها له وحده سبحانه وتعالى، فنصفه بما وصف به نفسه، ولا ندخل في صفاته سبحانه وتعالى متوهمين ولا متأولين ولا محرفين ولا نافين، ولكن نثبت له ما أثبت لنفسه سبحانه على المعنى الذي علمه وعلم خلقه إياه، فتفسير التوحيد: أن توحد الله سبحانه وتعالى في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته، فهو الإله الواحد له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وكلها ترجع إليه وحده لا شريك له، ولا يشابهه فيها أحد من خلقه، فهو متعال عن الألقاب والأنساب والأشباه والنظائر سبحانه وتعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>