للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[رحمة النبي للعالمين]

هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه الذي جاء بالإحسان ليعلم الخلق كيف يحسنون، جاء ليعلمهم التواضع والرحمة مع الخلق جميعهم، يعلمهم كيف يدعون إلى دين الإسلام رحمة للعالمين حتى يدخلوا الجنة ويبتعدوا عن الشرك بالله سبحانه وتعالى، جاء إليهم وقلوبهم مظلمة من الشرك به سبحانه، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم ينيرها بفضل الله سبحانه بكتاب رب العالمين، وبالإيمان الذي هدى الله عز وجل إليه الخلق على يد النبي صلوات الله وسلامه عليه، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} [النحل:٩٠]، مع الخلق جميعهم.

هذا هشام بن حكيم بن حزام رضي الله تبارك وتعالى عنه يذهب إلى بلاد الشام، فيجد قوماً من الأقباط قد أوقفوا في الشمس يعذبون لأنهم لم يدفعوا الجزية، فإذا بـ هشام يغضب ويقول: ما هذا؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)، هكذا علمهم النبي صلى الله عليه وسلم، ليس لك أن تعذب إنساناً وإن كان عدواً لك، خذ الحق وأعطي بالعدل، وعاقد بالقسط كما أمر الله سبحانه وتعالى وليس لك أن تعذب أحداً من خلق الله لا مسلماً ولا كافراً.

هذا دين رب العالمين دين العدل والإحسان، العدل: بأن تعدل في بيتك مع أهلك مع زوجك وأولادك مع جيرانك وأصدقائك في عملك وحكمك وولايتك تعدل مع الخلق جميعهم مسلمهم وكافرهم، كما قال الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} [النحل:٩٠]، فتحسن في كل شيء، ولعلك تستحيي إنساناً بإحسانك إليه فأحسن كما أحسن الله إليك.

وقوله: {وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى} [النحل:٩٠]، أي: أن تصلوا أرحامكم، وأن تعرفوا حقوق الوالدين، وحقوق الأقربين فتصلون أرحامكم بما أمركم الله عز وجل أن تصلوا به.

هذا دين الإسلام ينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، لا تكن فحاشاً بذيئاً، لا تقع في الحرام وتتعدى حدود الله سبحانه التي منعك من الوقوع فيها، لا تقع في المنكرات التي نهاك الله عز وجل عنها، لا تنصر أصحاب المنكر على أصحاب الحق، فهو ينهاك عن البغي والظلم ويقول: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، فالمظلوم تنصره فتأخذ حقه، وأما الظالم فتأخذ على يده وتمنعه من الظلم.

فهذا دين الإسلام دين العدل، دين رب العالمين، واسمه سبحانه الحق والعدل والحكم وإليه الحكم سبحانه وتعالى، جاء بدينه النبي صلوات الله وسلامه عليه الذي صدقه كما أمر الله سبحانه وتعالى، وسئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (كان خلقه القرآن).

<<  <  ج: ص:  >  >>