للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أقسام المحبة]

المحبة التي هي أصل الموالاة لها أقسام: فهناك محبة شركية، محبة توقع صاحبها في الشرك، وقد دل عليها قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ * إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} [البقرة:١٦٥ - ١٦٦].

فهذه هي محبة المشركين لأندادهم وآلهتهم وأصنامهم وأوليائهم، ولكن حال المؤمنين أنهم أشد حباً لله من محبة أصحاب الأوثان لأوثانهم، فهذه هي المحبة الشركية التي تناقض الإيمان من كل وجه.

القسم الثاني من أقسام المحبة: حب الباطل وأهله، وبغض الحق وأهله، وهذه صفة المنافقين.

القسم الثالث: المحبة الطبيعية، كمحبة الإنسان لماله وولده وأهله، وهذه إذا لم تشغل عن طاعة الله عز وجل، ولم تعن على محارم الله فهي مباحة، مثل أن يحب الإنسان طعاماً معيناً زوجة أو ولداً أو أقارب أو نحو ذلك.

القسم الرابع من أقسام المحبة: حب أهل التوحيد وحب المؤمنين، وبغض أهل الشرك والبراءة من الكافرين، هذه هي أوثق عرى الإيمان وأعلى مراتبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله).

وقال صلى الله عليه وسلم: (من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان)، ومن أحب الله عز وجل المحبة الواجبة فلابد أن يبغض أعداءه، ولابد أن يحب ما يحبه الله سبحانه وتعالى من جهاد أعدائه، يقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:٤]، وقال عز وجل: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} [التوبة:١٤]، وقال عز وجل في صفة عباده الذين يحبهم ويحبونه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:٥٤] ما صفاتهم؟ قال: ((أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)) أهل رقة ورأفة على من وافقهم في دينهم، وأهل غلظة وشدة على من خالفهم في عقيدتهم {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} [المائدة:٥٤].

وقال عز وجل في صفة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ)).

<<  <  ج: ص:  >  >>