للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخلاف في تفسير قوله تعالى (فثم وجه الله)]

ومن هذا النوع أيضاً الخلاف في تفسير بعض آيات القرآن، ومنها ما يتعلق بالأسماء والصفات، كقوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:١١٥] فبعض العلماء يقول: إن هذه من الصفات، ويذكرها في إثبات صفة الوجه، والبعض الآخر -وهم الجمهور- يقولون: إن هذه ليست من آيات الصفات.

فعن عكرمة عن ابن عباس: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة:١١٥] قال: قبلة الله، أينما توجهت شرقاً وغرباً، ونحوه عن مجاهد، ويشهد لهذا ما ذكر في سبب نزولها.

فالوجه على هذا التفسير: الوجهة، ونسبته إلى الله إضافة تشريف، والمعنى: الوجهة التي يتوجه بها إلى الله، كما يقال: سرت في هذا الوجه وسار فلان في هذا الوجه، فليست من آيات الصفات، واحتج بها غير واحد من علماء السلف على إثبات صفة الوجه لله سبحانه وتعالى، وأن هذه من آيات الصفات، والراجح أن هذه آية من آيات الصفات، لكن الخلاف سائغ.

وهذا اختلاف اعتقادي؛ لأن مرده إلى أمر علمي ليس عليه عمل، ومع ذلك فالخلاف فيه سائغ، فالاختلاف في فهم معاني القرآن كلها داخل في الأمور العلمية الاعتقادية، وتفسير القرآن كله من الباب العلمي؛ لأنه ذكر معنى كلام ربنا الذي هو صفة من صفاته، فكون أنني أفهم هذا اللفظ من الكتاب على هذا الوجه، وأعتقد صحته أمر اعتقادي، وهذا أكثره خلاف سائغ، وأكثر الخلاف بين المفسرين خلاف سائغ.

<<  <  ج: ص:  >  >>