للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم واتباعه ظاهراً وباطناً دليل على ولاية الله تعالى

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن حين بعثه الله جعله الله الفارق بين أوليائه وبين أعدائه، فلا يكون ولياً لله إلا من آمن به وبما جاء به، واتبعه باطناً وظاهراً، ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبعه فليس من أولياء الله، بل من خالفه كان من أعداء الله وأولياء الشيطان، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١].

قال الحسن البصري رحمه الله: ادعى قوم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية محنة لهم].

أي: امتحاناً لهم إن كانوا صادقين في حب الله فليتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم.

قال المؤلف رحمه الله: [وقد بين الله فيها أن من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فإن الله يحبه، ومن ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فليس من أولياء الله].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن كان كثير من الناس يظنون في أنفسهم أو في غيرهم أنهم من أولياء الله ولا يكونون من أولياء الله، فاليهود والنصارى يدعون أنهم أولياء الله، وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان منهم، بل يدعون أنهم أبناء الله، وأحباؤه، قال تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة:١٨].

وقال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:١١١ - ١١٢]].

قال المؤلف رحمه الله: [وكان مشركوا العرب يدعون أنهم أهل الله لسكناهم مكة ومجاورتهم البيت، وكانوا يستكبرون به على غيرهم كما قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون:٦٦ - ٦٧].

وقال تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الأنفال:٣٠ - ٣٤].

فبين سبحانه أن المشركين ليسوا أولياءه ولا أولياء بيته إنما أولياؤه المتقون].

وهذه القضية مهمة جداً، وهي: أن ظن الإنسان أنه ولي لله عز وجل لا يلزم منه أن يكون ولياً في الحقيقة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وثبت في الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهاراً من غير سر: (إن آل فلان ليسوا لي بأولياء) -أي: طائفة من أقاربه- (إنما وليي الله وصالح المؤمنين)، وهذا موافق لقوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم:٤].

وصالح المؤمنين هو من كان صالحاً من المؤمنين وهم المؤمنون المتقون أولياء الله، ودخل في ذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة وكانوا ألفاً وأربعمائة كلهم في الجنة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة)، ومثل هذا الحديث الآخر: (إن أوليائي المتقون من كانوا وحيث كانوا)].

<<  <  ج: ص:  >  >>