للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تبيين الله في كتابه الفرق بين الكون الذي خلقه والدين الذي شرعه]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: وقد بين الله في كتابه الفرق بين الإرادة والأمر والقضاء والإذن والتحريم والبعث والإرسال والكلام والجعل.

وبين الكوني الذي خلقه وقدره وقضاه وإن كان لم يأمر به ولا يحبه ولا يرضاه، ولا يثيب أصحابه ولا يجعلهم من أوليائه المتقين، وبين الديني الذي أمر به وشرعه وأحبه ورضيه وأحب فاعليه وأثابهم وأكرمهم وجعلهم من أوليائه المتقين وحزبه وجنده الغالبين].

هذا الكلام كله في الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية؛ فكون الله يريد أن يوجد شيئاً، ليس معناه أنه يرضاه، أو يحبه، أو لا يعاقب الذي فعله وهو حرام؛ فالكفر وقع من أكثر الناس، والله هو الذي خلقهم، ولكن كون الله خلقهم لا يعني أنه لا يعذبهم، أو أنه لا يسخط عليهم، فهو يسخط الكفر والفسوق والعصيان.

وليس لأحد أن يحتج بإرادة الله أو بأمره سبحانه وتعالى الكوني على ترك الأوامر الشرعية.

ثم قال: [وهذا من أعظم الفروق التي يفرق بها بين أولياء الله وأعدائه، فمن استعمله الرب سبحانه وتعالى فيما يحبه ويرضاه ومات على ذلك كان من أوليائه، ومن كان عمله فيما يبغضه الرب ويكرهه ومات على ذلك كان من أعدائه].

هذه من أعظم الفروق المهمة التي لا بد أن يفرق بها بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان؛ لأن كثيراً من الناس يعتقد في شخص معين أنه من أولياء الله حتى ولو كفر وأتى الفواحش والمنكرات والعياذ بالله.

وكثير جداً من الناس يظن أن جريان بعض الخوارق للعادات دليل على الولاية وليس كذلك، بل الولي هو ينقاد للأمر الشرعي الديني والإرادة الشرعية الدينية ويموت على ذلك، وأما من يخالف الأمر الشرعي ويموت على ذلك فهو العدو.

<<  <  ج: ص:  >  >>