للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تعظيم القبور سبيل أهل الشرك والبدع]

ثم بعد ذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: [ولهذا لما كانت عبادة المسلمين المشروعة في المساجد التي هي بيوت الله، كان عمار المساجد أبعد عن الأحوال الشيطانية.

وكان أهل الشرك والبدع -يعظمون القبور ومشاهد الموتى فيدعون الميت أو يدعون به، أو يعتقدون أن الدعاء عنده مستجاب- أقرب إلى الأحوال الشيطانية، فإنه ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).

وثبت في صحيح مسلم عنه أنه قال قبل أن يموت بخمس ليال: (إن أمن الناس عليَّ في صحبته وفي ذات يده أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صاحبكم خليل الرحمن، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت، إلا خوخة أبي بكر، إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك).

وفي الصحيحين عنه: (أنه ذكر له في مرضه كنيسة بأرض الحبشة وذكروا من حسنها وتصاوير فيها، فقال: إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة).

وفي المسند، وصحيح أبى حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من شرار الخلق من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين اتخذوا القبور مساجد).

وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها).

وفي الموطأ عنه أنه قال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).

وفي السنن عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم: (لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني).

وقال صلى الله عليه وسلم: (ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام).

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله وكل بقبري ملائكة يبلغونني عن أمتي السلام).

وقال صلى الله عليه وسلم: (أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة؛ فإن صلاتكم معروضة علي.

قالوا: يا رسول الله! كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ -يعني: بليت- فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء).

وقد قال الله تعالى في كتابه عن المشركين من قوم نوح عليه السلام: {وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح:٢٣].

قال ابن عباس وغيره من السلف: هؤلاء قوم كانوا صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم فعبدوهم، فكان هذا مبدأ عبادة الأوثان.

فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد ليسد باب الشرك، كما نهى عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت غروبها؛ لأن المشركين يسجدون للشمس حينئذ، والشيطان يقارنها وقت الطلوع ووقت الغروب، فتكون الصلاة حينئذ مشابهة لصلاة المشركين فسد هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>