للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وصية الله تعالى بالوالدين]

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: [باب بر الوالدين وصلة الأرحام.

قال الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى} [النساء:٣٦].

وقال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} [النساء:١]، والوالدان من الأرحام.

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد:٢١]، والمؤمن يصل رحمه؛ لأن الله أمر بذلك.

وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت:٨].

وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:٢٣].

الوالدان هم الأب والأم، فالأم هي التي حملت ابنها تسعة أشهر وأرضعته حولين كاملين، والأب أحسن إليه حتى نشأ وشب وصار رجلاً.

فالله عز وجل يوصي الإنسان بالوالدين إحساناً، أي: أحسنوا إليهما إحساناً عظيماً وخاصة إذا بلغ الكبر أحدهما أو كلاهما، قال تعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء:٢٣].

وأف: كلمة تفيد التضجر.

ولا تنهرهما: أي لا ترفع صوتك في الكلام عليهما ولا ترد عليهما أمرهما ولكن أحسن إليهما ليبارك الله عز وجل لك في عمرك، فإذا عققتهما سلط الله عليك من أولادك من يعقك.

والأب والأم بركة إذا كانا عند أولادهما إذا تفاوتوا في خدمة الوالدين، أما إذا تركوهما بعيداً ولم يسألوا عنهما فهذا ليس من الإحسان إليهما، ودعاء الوالدين لك سبب لدخولك الجنة، لذا فإن رجلاً ذهب إلى الصحابة يسألهم عن امرأة تعلمت السحر، ثم تابت وتريد أن تصوم لله عز وجل، فقال الصحابة: إن كان لها أب أو أم لرجونا لها الله تعالى أن يعفو عنها.

والأب والأم كنزان عند الإنسان إذا أحسن إليهما استفاد من بركتهما، ومن أساء إليهما ضيع على نفسه دنياه وأخراه، وكم من إنسان متضجر من والديه ويتمنى موتهما وقد يضربهما، ثم يسأل بعد موتهما ماذا يفعل لهما؟ وقد أساء إليهما أيما إساءة، ومع ذلك فإن رحمة ربنا عظيمة فيغفر لمن يشاء سبحانه، لكنه ضيع فرصة عظيمة على نفسه كانت ستدخله الجنة، وهي دعوة الأب والأم فإنها باب في الجنة مفتوح.

وقال الله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء:٢٤]، أي: اخفض لهما جناحك من شدة رحمتك بهما، وكن غاية في الرأفة والرحمة بهما حتى لكأنك ذليل أمامهما من شدة رحمتك لهما.