للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[إكرام النبي لصديقات خديجة]

ومن الأحاديث حديث متفق عليه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة).

على الرغم من أن خديجة ماتت وعائشة لم ترها، ولكن من بر النبي صلى الله عليه وسلم لزوجته التي توفيت رضي الله تبارك وتعالى عنها، فقد كان يبر بأقارب السيدة خديجة، وكان يبر صديقات السيدة خديجة اللاتي كن يأتين للنبي صلى الله عليه وسلم في حياة خديجة وبعد وفاة خديجة رضي الله تبارك وتعالى عنها.

وكان ذلك يسبب غيرة للسيدة عائشة، والغيرة غالباً ما تكون من النساء الأحياء، ولكن غيرتها كانت من السيدة خديجة التي توفيت رضي الله تبارك وتعالى عنها، ولكن من كثرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها، فقد كانت للنبي صلى الله عليه وسلم نعم الزوجة ونعم الرفيقة في حياته صلوات الله وسلامه عليه ونعم المعينة المشيرة، ولذلك استحقت أن يبشرها ربها سبحانه بقصر من قصب لا صخب فيه ولا نصب، وقد صارت من سيدات نساء العالمين رضي الله تبارك وتعالى عنها.

وفاطمة رضي الله تبارك وتعالى عنها هي بنت خديجة.

والسيدة عائشة لها فضل عظيم ويكفي أنها حبيبة رسول صلى الله عليه وسلم، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، فهي مفضلة على النساء رضي الله تبارك وتعالى عنها.

ولكن مع ذلك كانت السيدة عائشة تغار على النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت أشد غيرة من خديجة التي تقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة، وما رأيتها قط).

فقد توفيت السيدة خديجة رضي الله تبارك وتعالى عنها والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة قبل هجرته بسنين، والسيدة عائشة صغيرة السن وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ودخل بها في المدينة وكان لها تسع سنوات رضي الله تبارك وتعالى عنها، وما رأت السيدة خديجة؛ لأنها كانت صغيرة حين توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها، ولكن كان يكثر عليه الصلاة والسلام من ذكرها، فمن كثر ذكره لها كانت تغار منها.

قالت: (وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة) براً لـ خديجة رضي الله عنها.

قالت: (فربما قلت له: كأن لم يكن في الدنيا إلا خديجة) فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها كانت وكانت) فيمدح السيدة خديجة التي وقفت بجواره صلى الله عليه وسلم وكانت من أجمل النساء رضي الله تبارك وتعالى عنها، ونفعت النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ونفعته بنصحها وشفقتها وحنوها عليه صلوات الله وسلامه عليه.

فكان يمدحها ويقول: (إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد) يعني: هي الوحيدة من نسائه التي كان له منها الولد.

قالت في رواية: (استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف استئذان خديجة) يعني: عرف طبيعتها وأدبها ونغمة صوتها وهي تكلمه أنها مثل خديجة، فهش لذلك صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه عندما تذكر خديجة صلوات الله وسلامه عليه وهو لم ينسها ارتاح فقال: (اللهم هالة بنت خويلد) فذكرته هالة بـ خديجة وما كان من أمرها، قالت: فارتاح أو فارتاع لذلك.