للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تحريم الإسلام للظلم والأمر برد المظالم]

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (واتق دعوة المظلوم).

أي: أن هؤلاء القوم قد يؤمنون وقد لا يؤمنون، وفي كلا الحالتين لا تظلم مسلماً ولا كتابياً، فالكتابي ستأخذ منه الجزية بالحق وبالعدل الذي فرضه الله سبحانه، والمسلم ستأخذ منه زكاة المال بالحق والعدل الذي فرضه الله سبحانه.

(واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)، الدعوة من المظلوم تبلغ السماء كما جاء في الحديث الآخر: (اتقوا دعوة المظلوم ولو كان فاجراً)، وفي حديث: (ولو كان كافراً)، (ليس بينها وبين الله حجاب) وفي رواية: (تصعد إلى السماء كالشرر).

انظر الشرارة حين تطير، فكذلك دعوة المظلوم ليس ثمة حجاب يمنعها ويحجزها، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يعدل مع الخلق، وكذلك تعليم القرآن، حين قال سبحانه في سورة المائدة: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:٨].

فكونك تكره إنساناً ليس معناه أن تظلم هذا الإنسان، فرق بين أن تكره فلاناً؛ لأن دمه ثقيل على قلبك ولا تحبه، وبين متخاصم مع فلان يقول لك: احكم بيننا، فتجعلها في الانتقام منه، فلا يحل لك هذا الشيء، اتق دعوة المظلوم.

إذاً: احكم بما أنزل الله: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ} [المائدة:٨] ولا يجري بك في الظلم والتمادي أنك تكره إنساناً فتحكم عليه لكونك تبغضه، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب).

ويحرم ظلم غير المسلمين طالما أنهم تحت حكم الله عز وجل وحكم الإسلام، كما ورد في سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا من ظلم معاهداً)، الذي يظلم معاهداً كالذمي يهودياً كان أو نصرانياً يعيش تحت ظل الإسلام وتحت حكم الله عز وجل ويؤدي ما عليه.

فلو جاء إنسان ظلمه فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من ظلم معاهداً أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسه، فأنا حجيجه يوم القيامة).

أي: أنا خصمه يوم القيامة؛ لأنه جاء بالعدل صلى الله عليه وسلم وجاء بالحق، والله أمره أن يحكم بين الناس بالعدل فإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل الذي أمر الله عز وجل به، فلابد للإنسان أن يحذر من الظلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (الظلم ظلمات يوم القيامة).

جاء في الحديث أن عمر بن الخطاب سمع من النبي صلى الله عليه وسلم: (اتق دعوة المظلوم)، فكان سيدنا عمر يخاف جداً من دعوة الإنسان المظلوم.