للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يقول الرجل لمن يحبه وكيف يجيبه على ذلك]

عن أنس بن مالك رضي الله عنه فيما رواه عنه أبو داود: إن رجلاً كان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فمر رجل به فقال: يا رسول الله! إني أحب هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أأعلمته؟ فقال: لا، قال: أعلمه، فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال الرجل: أحبك الله الذي أحببتني له).

إذاً السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعلمه بذلك، وذلك بأن يقول: إني أحبك في الله، فدعا له أخوه، وقال: أحبك الله الذي أحببتني له.

وحب الله غاية يريد كل مؤمن أن يصل إليها، وهي غاية تدرك وليست بمستحيلة، بل هي سهلة على من يسرها الله عز وجل له.

الإنسان المؤمن يحب الله عز وجل فيطيع الله، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران:٣١]، وعلامة المحبة طاعة الله سبحانه تبارك وتعالى وعلامة محبة الله عز وجل للعبد أن يوفقه للعمل الصالح فكلما فتح باب عمل صالح وجده ميسراً، هذا دليل محبة الله عز وجل للمؤمن، ومنها أن يجعل الأتقياء يحبونه، وإذا كان من حوله أهل التقوى لاشك أنه مثلهم في ذلك.

ومن محبة الله عز وجل للعبد أن يلهمه الصواب في أقواله، وأن يبعده عن اللغو والرفث والفحش، وأهل المعاصي، محبة الله للعبد تجعله يثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا، وعند وفاته، ويجعل معه من يؤنسه في قبره من رضا الله سبحانه تبارك وتعالى، ومن تثبت في قبره ثبته الله يوم القيامة.

محبة الله شيء عظيم جداً، تحب المرء لله عز وجل، ولا تنتظر منه شيئاً، بل تكفي المحبة القلبية التي تظهر في فلتات لسان الإنسان ونظراته ومعاونته لك، ولذلك ستكون النتيجة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدهما حباً لصاحبه)، الأحب إلى الله الأكثر محبة لصاحبه، يا ترى أنا أقرب لله أم هو أقرب لله؟ الأشد حباً لصاحبه أقرب لله عز جل.

عندها الإنسان دائماً يتذكر ذلك، وأنه إذا أحب أحب لله عز وجل، إذا أحب آثر على نفسه، إذا أحب انتظر الأجر من الله عز وجل، إذا وجد ما يفرق بينه وبين من يحبهم في الله فليراجع نفسه، فالسبب معصية تكون في قلب العبد فعلها أو وقع فيها.

نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعلنا من المتحابين فيه، المتزاورين فيه، المتجالسين فيه، المتباذلين فيه، وأن يجعلنا مع النبي صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه الطيبين الطاهرين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.