للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقيقتها في قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة)]

وقال سبحانه وتعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الحديد:٢٠].

فنحن نكد في الدنيا ونتعب ونعمل، وربنا سبحانه وتعالى يذكر لنا النتيجة، فيقول تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الحديد:٢٠] هذه هي الدنيا.

فأنت تجمع المال وتتعب من أجل أن يبقى معك المال، وبهذا المال تتزوج، فيصير لك أولاد تفتخر بهم لأنهم يشرفونك في الدنيا، وبهذا المال تأكل الطيبات، وتأخذ من المشتهيات، فالنتيجة هي أني أتعب من أجل أن أحصل الدنيا، وأحصل فيها على اللعب واللهو والزينة، ويبقى عندي ما أفتخر به على غيري، فأتكاثر بالمال قائلاً: مالي أكثر من مال فلان.

وكذلك في الأولاد.

فمثل هذا كمثل غيث أعجب الكفار نباته، فالذي تعجبه الدنيا ويركن إليها هو الكافر، وكلمة (كافر) تطلق على غير المؤمن، وتطلق على الزارع الذي يضع البذرة في الأرض وبعد ذلك يكفرها ويغطيها، وكأن المقصود هنا الاثنان: الكافر حقيقة أعجبته الدنيا، والكافر الزارع أعجبته الثمرة التي طلعت من الأرض.

ففي هذا الوصف جمع الله تعالى لنا الاثنين فقال: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا} [الحديد:٢٠] فهذا النبات إذا استوى فإنه في النهاية لن يبقى فترة أطول من ذلك في الأرض، بل سيأتي عليه اليبس، فيصفر ثم يكون حطاماً، وكذلك هذه الدنيا جمعها الكافر من حلال ومن حرام، وانتفع بها، واستفاد منها، وطمع فيها، ولم تنفعه يوم القيامة، فكانت الدنيا عليه وبالاً يوم القيامة؛ لأنه لم يؤمن بالله، ولم يعرف حق الله فيها.

قال تعالى: {وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [الحديد:٢٠] أي: في الآخرة العذاب الشديد لمن كفر وجحد نعم الله، ولمن عصى الله وفجر في الدنيا، ولمن طغى واستكبر، والمغفرة والرضوان لمن تاب إلى الله وأناب، ولمن عرف حق الله سبحانه فأعطاه، ولمن عرف حق الناس فأخرج لهم حقهم الذي أمره به الله سبحانه.