للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المسلم أخو المسلم يعينه ولا يخذله]

(المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله).

فالمسلم لا يظلم المسلم، ولكن تجد أن بعض الناس يبحث عن أي وسيلة يكسب بها من أخيه، أو يخدعه ليأخذ ما معه من المال، فالطمع الذي في القلوب كثيرين من الناس جعل الواحد ينظر إلى الثاني ويحاول أن يأخذ ما معه من مال، فتجده يقول لأخيه: أعطني مالك أشغله لك، وليس همه أن يكثر هذا المال الذي مع أخيه، وإنما همه أن يكسب لنفسه، وفي النهاية تجده يقول: المال خسر، وليس لي حيلة ونحو ذلك.

هذه هي أحوال المسلمين الآن، فلذلك المسلم يجب أن يعرف أن عليه واجبات يفعلها، وأن له حقوقاً يأخذها، أما أن تعرف حقوقك لكي تأخذها، ثم لا تؤدي الواجبات التي عليك فتكون بذلك قد تركت شيئاً من دين الله سبحانه، بل شيئاً عظيماً منه.

فالمسلم لا يظلم المسلم، ولا يحقر المسلم، لا تدري هذا الذي تحقره ما رتبته عند الله، فلا تنظر إلى الإنسان أنه كبير في المقام، وأنه كبير في الشغل، وأنه رئيس مجلس إدارة، فلا تجعل التعظيم بالرتبة والمقام، بل لابد أن تكون نظرتك للإنسان على أنه مسلم، والمسلم حقه أن توقره، وأنك تكون معه، وأن تحترمه غنياً كان أو فقيراً، ولعل الفقير أولى بأن تحترمه من الغني؛ لأنه مقدم على الغني يوم القيامة؛ لأنه أحب إلى الله عز وجل من الغني، فهو يسبق الغني بنصف يوم، ولذلك الصحابة كانوا يحبون الفقراء، وعبد الله بن عمر كان لا يأكل إلا بعد أن يبحث عن فقير يأكل معه.

ولن تكون مثل عبد الله بن عمر، ولكن على الأقل احترم الإنسان لكونه إنساناً، لكونه مسلماً، تحترم فيه إسلامه، تحترم فيه رأيه، فبين المسلمين التواضع وبينهم المشورة، ألا يظلمه، ولا يحقره، ولا يخذله، يعني: لا يقول له: أنا معك، ثم يخذله، ولا يقول: أنا سآتي أشهد معك، ويوم المحكمة يتركه ويمشي ويقول: لا أعرفك.

فهنا المسلم يكون مع المسلم في وقت شدته أكثر من وقت رخائه، أنا أنفعك الآن فننتفع سوياً في قبورنا ويوم القيامة، يقول لنا النبي صلى الله عليه وسلم: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم)، لا تحتقر أحداً من المسلمين، فلا تدري فلعل إعجابك بنفسك وتحقيرك لغيرك يحرمك من نعم أنت تحبها، فلا تنظر لإنسان وتزدريه لأن ثيابه مقطعة ومرقعة، فإنك لا تعرف ماذا يعمل فيك ربنا يوماً من الأيام، فتواضع لله عز وجل، وانظر إلى المسلمين على أن الكل إخوة لك، الكل تحبهم في الله سبحانه وتعالى، حافظ على نفسك، وحافظ على غيرك، واعلم أنه من لم يكن يرحم الناس في الدنيا لا يرحمه الله عز وجل يوم القيامة.

نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.