للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تيسير البخيل للعسرى]

ويؤدب الله سبحانه الإنسان ويهذبه بهذه الشريعة العظيمة الكاملة، ينهاه عن البخل وعن الشح في القرآن يقول سبحانه: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:٨ - ١٠].

وقبلها: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:٥ - ٧].

فالله عز وجل ييسر العبد على حسب ما يفعله الإنسان، فالإنسان السخي ينفق ويعطيه الله عز وجل، يعامله بناءً على ذلك، فهو يستحق أن ينفق عليه، والله يعطيه، ولا ينقص مال أبداً من صدقة كما ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإنسان البخيل الذي يمتنع من إعطاء الواجب يشح على نفسه وعلى غيره، فيعامل بذلك، فيستشعر في قلبه الفقر، فمهما آتاه الله عز وجل مالاً يشعر أنه فقير وأنه محتاج.

وإذا أنفق ينفق القليل ولعله لا ينفق أصلاً إلا لنفسه فقط، فربنا تبارك وتعالى يذكر هذا الذي يبخل ويستغني، فيقول: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل:٨ - ٩]، فبخل بإنفاق المال واستغنى بالدنيا عن الآخرة، فكأنه اكتفى بها، واستغنى بها، {بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل:٨ - ٩].

بالنهاية الحسنة للمؤمنين، وهي جنة رب العالمين سبحانه، {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:١٠]، هذا لا يستحق طريق التيسير، ولكن يستحق طريق العسر، فسنيسره للآخرة العسرة الضيقة في نار جهنم والعياذ بالله.

{وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} [الليل:١١] إذا هلك هذا الإنسان لم ينفعه ما ادخره من ماله.

وقال سبحانه: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:٩] إذا وقاه الله عز وجل شح نفسه، فهو توفيق من الله سبحانه، مثلما قال سيدنا شعيب على نبينا وعليه الصلاة والسلام: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:٨٨]، فالله يعطيك هذا المال، وهذا توفيق من الله عز وجل.

الله يوفقك أن تنفق هذا المال فيما يحبه الله، والله يجنبك أن تنفق هذا المال في المعاصي وهذا توفيق من الله سبحانه، ما توفيقك إلا بربك سبحانه وتعالى، قال: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:٩].

الموفق يجتنب شح النفس فيبذل ويعطي لله عز وجل، وهذا من المفلحين.